الدكتور الصبح يكتب :رؤساء تحرير بين الواقع والخيال
انجاز- كتب : الدكتور سفاح الصبح
لا بد من البدء بتوضيح القانون الناظم لعمل الوكالات الاخبارية موضوع حديثي والإشارة بأن قانون المطبوعات والنشر قد نظم العمل فيما بين طرفي المعادلة : الصحفي (العامل) و ناشر الموقع (المالك) .. ولتوضيح هذا أكثر نضرب مثلا لمن يرغب بإنشاء صيدلية و ما هو في الأصل بصيدلاني .. فماذا يقول له القانون : لك أن تتملك صيدلية و لكن ليس لك أن تعمل فيها .. لأنك لست بصيدلاني يعرف الدواء وتحضيره وصرفه .. وهكذا هي القصة .
وبالعودة إلى الموضوع الإعلامي الذي يعد الأكثر خطورة و الأبلغ أثرا من حيث إن الإعلاميين باتوا اليوم المعلمين الجدد للجيل و الروافع الكبرى لصناعة التغيير ..و كما يقال في الثقافات الأمريكية بأن الصحفيين هم أعظم اختراعات أمريكا ..
و اليوم وجدت عدد من المواقع الإخبارية التي سببت كثيرا من الأوجاع والآلام للصحف الكبرى لنفسها طريقا للمنافسة دون كلف مالية إذ تدار هذه المواقع المنتشرة عبر فرق متواضعة في عددها و عدتها متكئة على عامود فقري واحد هو رئيس التحرير ( صحفي نقابي بخبرة معلومة مع تفرغ وظيفي ) .. وفي أحسن الأحوال يساعد رئيس التحرير هذا موظفان اثنان أو موظف واحد .. أو نصف موظف .. أو ربما يستغني عنهم ويقوم بالأدوار كلها على خشبة ذلك المسرح منفذا العملية بنجاح .. أي ثلاث بواحد على نظرية ماكينة الحلاقة الشهيرة ..
و بواقع خبرة معينة و تجربة خاصة مكنتا من الإطلاع على عمل عدد من المواقع الإخبارية آلت بي إلى دهشة واضحة من حجم التجاوز على الحقيقة الصحفية الإبداعية تارة .. وعلى الحقيقة القانونية الناظمة تارة أخرى .. لقد فاجأني في الثانية وجود رؤساء تحرير صوريين لوكالات عاملة على مرأى ومسمع من هيئة الإعلام و نقابة الصحفيين … وأقصد بالصوريين أنهم لا يمارسون العمل الصحفي نهائيا بالرغم من أن ترخيص تلك الوكالات مسجلة بأسمائهم منذ سنوات ومع ذلك لا يعرفون أرقام ( الباسوردات ) لوكالاتهم نهائيا .. فهم ليسوا بالواجة ولا بالمواجهة للعملية التحريرية الصحفية من هذه المهنة العظيمة . وربما هناك سبب آخر يدفع برئيس التحرير إلى عدم وجوده بالصيدلة .. عفوا أقصد في الوكالة .. أن نسبة منهم مازالوا على رأس عملهم الوظيفي الرسمي والقانون لا يقر بازدواج الوظيفة .. و إنما هي فرصة أخرى لزيادة الدخل و استثمارا للثقافة السائدة ( ما حدا قاري ورق ) ..
و النتيجة واحدة .. عدد من الوكالات تنقل عن بعضها بعضا .. والخبر تراه مئات المرات بعدد من المواقع المرخصة .. والخطورة الأولى الناجمة عن هذا هو إخلاء الساحة لمن لا يتمتع بالأهلية الصحفية الكافية لممارسة أحد أخطر الأنشطة العملية والأكثر حساسية وتأثيرا .. وكم آلمني ذات مرة ناشر لأحدى الوكالات الإخبارية وهو يرافق أحد المسؤولين في جولة صحفية امتد به الأمر فراح أثناء تلك الجولة يستجوب مواطنا ويسأله .. والغريب في ذلك أيضا أن المسؤول نفسه طلب من الناشر أن يوجه أسئلته للمواطن ذاته في جو سوريالي بالغ .. و يعني هذا المصطلح بالأردني ( طاسة وضايعة ) .. وقد تم ذلك المشهد المؤسف مهنيا للأسف برفقة فريق إخباري كامل في تلك الوكالة ليس فيهم واحد وقف يوما بباب نقابة الصحفيين أو سار في طريقها ..
إن هذه رسالة سريعة موجهة لعطوفة مدير عام هيئة الإعلام .. و لسعادة نقيب الصحفيين و لغيرهم ممن هم في صنع القرار والمسؤولية .. أدعوهم فيها إلى مراجعة المواقع الاخبارية و متابعة تفرغ لاعبها الرئيسي ( رئيس التحرير ) وعدم تفريغ الموقع الإخباري للناشر غير الصحفي : ليصور .. ويحقق .. ويكتب .. و يراقب التعليقات .. ويرفع التهاني والتعازي .. و لتراه يرفع الخبر .. ثم بعد رفعه يعدل عليه .. ثم بعد ذلك يحذفه .. وبعد يومين يعود مرة أخرى لنشره !!
فهل نرى نهاية لهذا التخبط الذي يعكس تخبطا أكبرى منه لدى جهات رقابية مسؤولة بالأساس عنه !!
3 تعليقات
المهندس خالد عنانزه
الدكتور سفاح المحترم ما تفضلت به صحيح. أصبح الإعلام مهنة من لا مهنة له. لكن بالنهاية رئيس التحرير هو إنسان بحاجة لفلوس كي يعيش. فالتفرغ له متطلبات ولعل اهمها توفر الموارد المالية. تنظيم المهنة ضروري لتنظيم عمل المواقع الإخبارية. وانت ترى الآن في الساحه الإعلامية كأننا نعيش صراع البقاء.والبقاء للاقوى واحيانا للأسف قديكون اقوى ماليا بدون رسالة ورؤية واضحة. تحياتي لك
بهجت خشارمه
lمساء للدكتور سفاح الصبح تحية من القلب الى القلب وبع: كل ما ذكرته دكتور صحيح وفي الصميم ، بعض الوكالات تتخبط وتضع المواطن في حيرة من امره ، مشكور دكتور على هذه الكلمات لعلها تجد صدى لدى الصحاب القرار.
الدكتور سفاح الصبح
أتقدم بخالص الشكر لوكالة إنجاز الإخبارية الحاضرة دائما بالمشهد الإعلامي بمهنية وحيوية و أخص بذلك الصحفي القدير الأستاذ علي فريحات و الإعلامية نادية العنانزة ..
و أشكر الصديق العزيز المهندس المثقف الدمث خالد العنانزة على اهتمامه بما يهم الشأن العجلوني والوطني وعلى مداخلته الذكية .. كما أتقدم من الأخ الكاتب بهجت الخشارمة بالشكر أيضا على إضاءته المهمة .