الكاتب: الدكتور محمد المسفر
صحيفة الشرق القطرية
ليست المرة الأولى التي اذكر قادة مجلس التعاون بأهمية الأردن الشقيق في الاشتراك في الحفاظ على امن وسلامة الخليج العربي، وخاصة بعد ما وصل حال العراق الشقيق الى ما وصل اليه اليوم من تفكك سياسي تقوده مليشيات ولاءاتها لجهات خارج الحدود وتدهور اقتصادي بعد ان حددت الولايات المتحدة الامريكية كمية الدولار المسموح تداوله في العراق، وتزوير العملة العراقية وتحويل مصادر المياه الواردة الى العراق من ايران وتحويل مجراها بعيدا عن مجراها الطبيعي الذي كان يصب في الأراضي العراقية.
(2)كان العراق البوابة الشرقية وكان امن الخليج العربي يستند على سواعد جنده وايمان قادته بأهمية امن هذه المنطقة الخليجية.
(3)الأردن هو البوابة الشمالية لأمن الخليج العربي فعبره تمر التجارة بين الشام والخليج وموقع الأردن الجغرافي حساس فهو الجدار العازل للحيلولة دون أي محاولة توسع اسرائيلي نحو شبه جزيرة العرب في قادم الأيام وقد يقول قائل إسرائيل قد تم اختراقها لدول شبه الجزيرة العربي ولا حاجة للاردن كحام للحدود الشمالية لجزيرة العرب. صحيح هذا القول لكن تلك الاختراقات سياسية وليس توسعا جغرافيا على الأرض.
الاختراق الذي اقصده من بين مقاصدي هنا هو تهريب المخدرات والسلاح والمرتزقة وقطاع الطرق وقد تصدت الحكومة الأردنية بجيشها ورجال امنها البواسل لجحافل مهربي المخدرات القادمين من الشرق الاردني ومن شماله وتصدت لتجار تهريب السلاح وما برحت تتصدى لهم بكل قوة. الشعب الأردني نسيجه الاجتماعي يتشكل من كنعاني وقحطاني وعدناني ومن بني كندة في قلب نجد واهل الخليج العربي كذلك فلا حد يباعدهم ولا دين يفرقهم ودول الخليج دون استثناء تعرف الأردني في ميدان الامن والتعليم والطب والهندسة وغير ذلك من مصادر المعرفة فلا يجب علينا نحن اهل الخليج ان نلوح بوجوهنا عن أهلنا في الأردن في مواجهة ازماتهم الاقتصادية. من منا اهل الخليج العربي ينكر استفزاعنا بالأردن في كل ازمة حلت بنا وكل ما طلبنا العون لا يتردد الأردن شعبا وحكومة في مساعدتنا ونجدتنا.
(4)الشعب الأردني الشقيق ممثلا بجيشه وكوادره الأمنية ساهم في الحفاظ على استقلال الكويت عام 1961 دون منّه منه، وفي سلطنة عمان كان الجيش الأردني بموجب طلب من سلطان عمان يتصدى لثورة ظفار حتى وضعت الحرب أوزارها واستتب الامن والاستقرار، مملكة البحرين استنجدت بالأردن لارسال قوات عسكرية وامنية لمساعدتها في تثبيت قواعد الامن والاستقرار كلما حل بالبحرين ازمة امنية داخلية او خارجية، ودولة الامارات العربية المتحدة استعانت بالاردن في تشكيل وتدريب قواتها الأمنية والعسكرية وطلب الشيخ زايد من الملك حسين رحمهما الله ان يختار له من الجيش الاردني ضباطا لتشكيل وتدريب جيش الامارات الحديث فوقع الاختيار على اللواء عواد الخالدي واصدر الشيخ زايد عام 1974 مرسوما بتعيين اللواء الخالدي ليكون اول رئيس اركان حرب اردني الجنسية لجيش دولة الامارات، وأخيرا وقريبا الى الذاكرة استعانت دولة قطر بثلة امنية اردنية لمساعدتها في الحفاظ على الامن في فترة ” مونديال قطر 2022 “.
هذا الأردن في كل مفاصل دول الخليج العربية امنيا وعسكريا وتعليما وصحة وهندسة وغير ذلك فهل نبخل او نمنّ عليه!
(5)قطر استقبلت الملك الهاشمي عبدالله الثاني ابن الحسين ضيفا على أخيه صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني واستقبل جلالته خير استقبال وتدارس الزعيمان حال الامة العربية وما تمر به من أزمات بغية إيجاد الحلول الى جانب تناولهما الشؤون الدولية واثار الحرب في أوكرانيا وانعكاساتها على الوطن العربي الى جانب تدارس العلاقات الثنائية بغية تطويرها والاندفاع بها الى ما يحقق تطلعات الشعبين القطري والأردني.
علاقة قطر بالأردن علاقات متميزة اذ انه في زيارة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني للمملكة الأردنية الهاشمية عام 2018 اصدر سموه توجها ساميا بتوفير 10 الاف فرصة عمل بدولة قطر للشباب الأردني واستثمار 500 مليون دولار في مشاريع البنية التحتية والسياحة في الأردن، وتعتبر قطر واحدة من بين اكبر الدول استثمارا في الأردن اذ تخطت استثماراتها ما يزيد على 4.5 مليار دولار في قطاعات السياحة والصحة والطاقة وامتدت الاستثمارات القطرية الى مجال الطاقة ابرزها محطة كهرباء شرق عمان ومشروع توليد الطاقة الكهربائية من خلال الطاقة الشمسية ” مشروع شمس معان ” الذي تنفذه شركة نبراس للطاقة وهو استثمار قطري ياباني مشترك قام على مساحة مليوني متر مربع، ويوجد في قطر ايضا اكثر من 15 شركة مملوكة بالكامل لاردنيين واكثر من 1550 شركة قطرية اردنية مشتركة ايضا تعمل في قطر.
اخر القول: يجب انتشال الأردن من أي ضائقة تحل به وخاصة في الظروف التي تحيط به اقتصاديا وسياسيا وامنيا، الأردن يجب احتسابه في المعادلات الخليجية راس مال وليس سلعة.