السعايده يكشف ما يدور في ذهن الدكتور جعفر حسّان حيال الإعلام..
كتب: نقيب الصحفيين الأردنيين راكان السعايدة –
– زهاء ساعة كانت كفيلة أن أفهم والتقط ما يدور في ذهن رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسّان حيال الإعلام وأهمية النهوض به وإحداث نقلة نوعية في أدائه.
فالرجل يربط ربطًا موضوعيًا بين التحديث السياسي والاقتصادي وضرورة التحديث الإعلامي، أي أنه يعتقد بضرورة أن يتضمن مسار التحديث في بُعديه السياسي والاقتصادي بعدًا ثالثًا هو التحديث الإعلامي.
في بداية تلك الساعة أيقنت أن الدكتور حسّان لديه الوعي والإلمام الكافيان بواقع الإعلام، ويوازن جيدًا بين أهمية الإعلام التقليدي بأنواعه والضرورة الملحة لتعظيم قيمة وأهمية ودور الإعلام الرقمي.
هذا كان كافيًا لي لاقتناص اللحظة وأن أعرض قدر الإمكان أمام الرئيس بحضور وزراء الاتصال الحكومي الدكتور محمد المومني والتنمية السياسية والبرلمانية عبدالمنعم العودات والثقافة مصطفى الرواشدة ما يفترض أن أعرضه بموضوعية وأمنة ومسؤولية، بدون محاذير أو تحسبات، وبأريحية كاملة.
في الأردن، يواجه الإعلام مأزقًا كبيرًا بين متطلبات الاستمرار (نفقات تشغيلية ورواتب) ومتطلبات المهنية الموضوعية والمصداقية ليكون مؤثرًا ومرجعًا وطنيًا لتلقي المعلومات والآراء والأفكار.
هذا المأزق له تجليات لا يمكن إنكارها أو تجاوزها؛ وهي أن الأغلبية من الناس يتلقون معلوماتهم، في الشأنين الوطني والخارجي، عبر منصات إعلامية ومواقع تواصل اجتماعي خارجية.
المؤكد أن هذا ليس وضعًا صحيحًا وسليمًا إطلاقًا، لأن المؤثر الخارجي بكل ما لديه من أجندات سيكون هو المؤثر الرئيس في تشكيل وعي الناس وتحديد اتجاهاتهم، وسيكون لديه فرصة إحداث ثقوب في الجدار الوطني.
اليوم الدول تدير اشتباكاتها الداخلية والخارجية بأدواتها الإعلامية، ووظفت إعلامها ومنصاتها الرقمية بصورة صحيحة وأولتها الأهمية الكافية لإدراكها قيمة وأهمية الإعلام بتنويعاته كلها.
أي أن هذه الدول تنفق على إعلامها إنفاقًا كافيًا لتمكينه من لعب دوره، ولم تتعامل معه كشركات ربحية، أنفقت عليه بوصفه قوتها الناعمة والحامل الرئيس لمصالحها والترويج لأجنداتها السياسية.
نحن، في الأردن، لم نصل بعد لمرحلة أن يلعب إعلامنا دورًا رئيسيًا في الاشتباكات الخارجية، لأن لهذا متطلبات يجب أن تعمل الدولة على توفيرها، ولها مصلحة استراتيجية في ذلك، وإلى أن نبلغ ذلك علينا، كدولة، أن نعيد إنتاج الحالة الإعلامية ليكون لها دورها أولًا في الاشتباكات الداخلية وثانيًا في الخارجية.
إعادة إنتاج الحالة الإعلامية ليكون الإعلام الوطني مرجع الأردنيين في معرفة وفهم كل الشؤون الداخلية، وأن يكون إعلام الدولة حائط الصد في مواجهة الإعلام الوافد وتلاعباته ومحاولاته التأثير في وعي الأردنيين بات أمرًا لا يحتمل التأخير في ظل الأخطار المحيطة وحالة السيولة وعدم اليقين.
طبعًا، هذا يتطلب حريات إعلامية أوسع، وقيادات ذات مصداقية يثق الناس برأيها، وتسمع لقولها، وظروفًا معيشية مناسبة للمشتغلين في هذا القطاع، وتمكين الإعلام من تطوير مهارات كوادره ومنصاته الرقمية لأن هذه المنصات حال تمكينها ستكون قادرة على التأثير الداخلي والخارجي.
وأيضًا، نحتاج استراتيجية إعلامية وطنية، وخطابًا إعلاميًا عميقًا منسقًا، وإنفاقًا معقولًا وموجهًا على إعلامنا بشقيه التقليدي والرقمي، ومساحة حرية كافية لتبادل الأفكار والآراء بموضوعية ومسؤولية.
الخلاصة..
ما في ذهن الدكتور حسّان ترك لديّ انطباعًا إيجابيًا أن تحديث الإعلام سيكون ملفًا رئيسًا في مسار حكومته، وأن النهوض بهذا القطاع متطلب وطني لا تراخي فيه ولا تسويف، وليس مسألة ترفية وإنما حاجة ملحة.
فرص نجاح تحديث الإعلام ممكنة ومتاحة، وستكون مهمة وزير الاتصال الحكومي الدكتور المومني كبيرة ونعول على إلمامه ووعيه بواقع الإعلام وما يجب أن يكون عليه..
إن الفهم المشترك بين رئيس الوزراء ووزير الاتصال الحكومي ونقابة الصحفيين لواقع الإعلام وكيفية تحديثه والنهوض به ونقله نقالة نوعية ليأخذ مكانه ودوره يدفعنا إلى التفاؤل ويلزمنا أن نكون سندًا وعونًا وندعم هذا التحديث باعتباره مصلحة وطنية يفيد الدولة بمفهومها الواسع.
أظن، بقدر عالٍ من اليقين، أن الدكتور حسّان أسس لفرصة إصلاح وتحديث لقطاع الإعلام يصعب تكرارها، وعلينا جميعًا واجب الاستثمار في هذه الفرصة والبناء عليها