ارتبط بالعمل المجتمعي والشباب منذ عام 1958 وكان ذلك بعد عودته من الدراسة في مصر، حيث انضم إلى أول منظمة شبابية أردنية ( منظمة الشباب الأردني) برعاية وزارة التربية والتعليم، وأشرفت هذه المنظمة على ما يسمى « أول معسكرات تدريبية للشباب» واختاروه كرائد من الرواد المشرفين على الشباب المعكسرين في معسكر القدس بعمان، ومعسكر القدس في نابلس، حيث كان له عده مشاركات في المعسكرات كمعسكر الويبدة، ومعسكر باب العمود في القدس، ومعسكر حديقة بلدية نابلس والجدير بالذكر أن من واجبات الرائد المساءلة عن 6 طلاب، وبهذا كانت بداية عمله مع الشباب.
..» محمد مامسر»؛ من رجالات الاردن الذين جمعوا خلال مسيرتهم الزاخرة العمل الرياضي والشبابي والاجتماعي والسياسي والاكاديمي والبرلماني، ليكون له بصمته المميزة في كل مجال شارك به.
«ابو نارت» حديثنا معه ،كان ممتعا وشيقا ..حقا لا تكفي الساعات لسماع او سرد انجازاته ومشاركاته ،التي لا تخلو من روح الشباب والمغامرة ،التي للاسف قلما نجدها في ايامنا هذه!
55 عاما مع الشباب
حدثنا ابو نارت قائلا: تم إعارتي للجامعة الأردنية بعد تأسيسها في 15/12/1962 كأول إداري جامعي مختص في قضايا الشباب بعد حصولي على دبلوم رعاية الشباب من امريكا وذلك في 1963، وبهذا بدأ تعاملي مع الشباب مباشرة ، حيث توالت المناصب التي جمعتني مع الشباب من خلال عملي مديرا لشؤون الطلبة في جامعة مؤته (1977-1980) ومستشارا في جامعة العلوم والتكنولوجيا في سنواتها الأولى من تأسيسها في عام 1986 ، وآخر مشاركاتي المباشرة مع الشباب كانت كعميد شؤون الطلبة في الجامعة الأردنية في عام 1991 ، عملت بعدها كنائب لرئيس جامعة مؤته (1992-1993).
مامسر الرياضي..
كان من رواد الحركة الرياضية والشبابية، شبلا في اغلب ميادين الرياضة نشاطاته لا تعد ولا تحصى، حديثنا معه وذكر اهم انجازاته لن تتسع صفحاتنا له فهو سفير اردني وعربي ودولي لحضارة شعبنا الاردني.
وشاركنا ابو نارت قائلا: لعبت كرة القدم وكرة السلة وكرة اليد وكرة الطائرة والجمباز والعاب القوى والمصارعة والملاكمة، وتسلقت الجبال وهرولت في سباقات الضواحي.
وعن التدريب حدثنا، كنت اول مدرب لكرة السلة على مستوى المنتخب الاردني نساء ورجال وساهمت في كل لعبة مارستها، وكنت حكما في اغلب ميادين الساحات الرياضية ، كنت اول اردني يحصل على شهادة البكالوريس في التربية الرياضيةعام 1962 وعلى الماجستير في التربية عام 1971 وعلى الدكتوراة في فلسفة التربية عام 1980، كما شغلت عضوا ورئيسا في أكثر من اتحاد رياضي وصولا لرئيس اللجنة الاولمبية، وهكذا امضيت إلى اليوم حوالي ال55 عاما مع الشباب.
بين الماضي والحاضر..
..عن نظرته لجيل اليوم وما سبقه من أجيال تحدث مامسربروح من المحبة فقال: استنتاجا لعملي مع الشباب طيلة السنوات الماضية وانخراطي واندماجي بالعمل معهم لاكثر من جيل، وبكل مصداقية اقول: ان جيل الخمسينات والستينات هم الى حد كبير شباب يتميز بالالتزام حيث ان التعامل معهم كان تعاملا ابويا لا صعوبة في توجيههم وحمايتهم من الانزلاق بالمشاكل سواء سلوكية او اجتماعية او سياسية.
اما في السبعينات بدا الوعي السياسي خاصة في الجامعات، حيث ظهر اول اتحاد طلابي في عام 1972 كنت حينها مديرا لشؤون الطلبة، وفي عقدي السبعينات والثمانينات ظهر اكثر من 13 تنظيما سياسيا طلابيا في الاردنية واليرموك، حيث كانوا يندرجون تحت العمل الفدائي او الحزبي وكانوا يعملون في السر.
واضاف مامسر: وبالرغم من وجود الاحكام العرفية في ذلك الوقت واندراج الاعمال الحزبية تحت مسمى الممنوعة، الا اننا في الاردنية واليرموك كنا نعطي حرية كاملة لممارسة النشاطات كاملة ولم نجد صعوبه في التعامل مع الشباب بل بالعكس كنا نصطف معهم ونعمل معهم يدا بيد، خاصة انهم في ذلك الوقت كانوا يتميزون بالوعي ولم تكن لديهم اجندتهم الخاصة ولا خلفية ايدلوجية ومن هنا كسبنا ثقتهم.
واشار مامسر: هذه الثقة خلقت جوا وبيئة جامعية ادت الى تنمية ونضج الشباب الجامعي، واشباع توجهاتهم السياسية والاجتماعية، واستمرت هذه المرحلة الى بداية التسعينات حيث كانت تعتبرهذه الفترة الذهبية مع طلابي في الاردنية خاصة واليرموك عامة.
واكد مامسر، لم يكن التعامل مع الطلاب نوعا من الاستيعاب او العطف بل كان من جانب الجامعة ان تفتح المجال لاكتساب مهارات الطلاب في العمل والانشطة، حيث كانوا يمارسون ما لا يقل عن 19 نوعا من الانشطة، كالسياسية والاجتماعية والثقافية وغيرها مما ادى الى تثقيف الطلبة خارج قاعات الدراسة.
وتابع، للاسف مقارنه هذه الفترة بما يحدث اليوم صعب فالفرق واضح، حيث حلت الانشطة الفردية محل الانشطة الجماعية وظهرت التكتلات السكانية والعشائرية وظهر العنف الجامعي، وبات العمل مع الشباب اليوم اصعب بكثير وظهرت الفجوه بين التطلعات والميول والرغبة وبين مستوى المسؤولية عندهم.
وبات واضحا صراع الاجيال الذي يكمن في مقدرة الجهات التربوية والشبابية في التعاطي والتعامل مع الشباب حيث يجدون صعوبة كبيرة، ويكمن السبب في زيادة وسائل الاتصال والفضائيات فاصبح شبابنا اكثر دراية واطلاعا على ما يحدث في العالم وبمقارنة قادتهم الذين لا يواكبون هذا التسارع في التكنولوجيا، اصبح هنالك صراع في المعرفة وتوجهات واحتياجات لا يدركها القادة الكبار.
واضاف مامسر لا شك بأن التطور السريع والمتجدد بكافة الميادين جعلنا اقل قدرة على مواكبتها كما ينبغي للوصول الى فكر شبابنا، فانا شخصيا وصلت الى قناعة معينة من خلال حوار تم بيني وبين ولدي الكبير كان نتاج الحديث انه قال لي انت شخص «رجعي»!.
وعندما جلست مع نفسي وراجعت ما حدث فعلا احسست اني كذلك!! فلا يكفي انني عشت وتعاملت واندمجت مع الشباب ان اكون قادرا على فهم حوائجهم ومتطلباتهم فحياتهم وواقعهم يختلف عما كنا عليه نحن..
ومن الطرائف الاخرى لصراع الاجيال ما يصدر عن احفادي الذين يبلغون 18 حفيدا، حيث انهم يلقبونني بانني من عصر الديناصورات، فالواقع ان عهدهم غير عهدي هذا وانا اعتبر نفسي من قادة الشباب الاول واني على مقدره ان استوعب الشباب.
لا الومهم..
وعن المشاركة الشبابية في اتخاذ القرار او الانتخابات حدثنا مامسر: لا يوجد برامج لاعداد قادة اعدادا اكاديميا وثقافيا، حيث ان لا اجندات للتعامل مع الشباب، كما ان الشباب بحاجة الى اشباع مهارات وهوايات وقادتهم لا يعرفون شيئا عنها « هنالك صحوة ولكن دون خبرة».
واضاف، لا الوم الشباب في عدم مشاركتهم في اتخاذ القرار او الانتخابات وذلك لاننا لم نعدهم بالشكل الائق حيث الوم النظام السياسي واذا كان هنالك جدية في اشراكهم يجب الغاء القوانين المانعه للعمل السياسي مع الشباب، خاصة وان هنالك تراكمات سيئة عن فكرة العمل السياسي .
فمن هنا يبحث الشاب عن هوية وتكون عنده الشعلة وبعدم وجود الحافز والاندية والعمل الحزبي او السياسي فلا يجد الا العنف او الجماعات المتطرفة ليشبع بها الشاب طاقاته بطرق همجية وخاطئة.
امثلة مشرفة.. وإعطاء فرصة
وكمثال لاستيعاب الشباب في العهد السابق، في عام 1979 اعتصم مجموعة من شباب اليرموك لقبوا ب «اشبال الفدائيين» مطالبين الذهاب الى لبنان للدفاع عن زملائهم الفدائيين في اول اجتياح اسرائيلي للجنوب اللبناني.
واضاف مامسر، ولجدية مطلبهم قمت بتوديع 45 طالبا وطالبة تطوعوا لذلك وتم ايصالهم بهوياتهم الجامعية الى درعا وامضوا شهرا كاملا عاملين ومجاهدين لمساعدة المتضررين، وعند عودتهم بالسلامة قاموا بتوجيه كل التقدير والاحترام لموقفنا في ارسالهم واعطائهم تلك الفرصة التي تؤرخ في حياتهم، وهذا باعتباري التربية السليمة والتعامل الامثل لشبابنا لابراز طاقاتهم وعطائهم.
وكمثال اخر اثناء عملي كعميد لشؤون الطلبة، كان هنالك طالب شرس وفظ التعامل من قرية بعيدة لم يختلط في التعامل وغير متحضر في اسلوبه تم احتواءه والتعامل معه واحتضانه للتاقلم مع الغير بادخاله العالم الذي يعتبره غريبا عليه الى ان تخرج، وبعد تلك الفترة كان احدهم يراسلني على مدار 15 عاما دون ان يضع اسمه او عنوانه للاطمئنان علي ومعرفة اخباري، لاصدم بعد ذلك بأن ذلك المرسل هو ذاك الشاب الذي احتضنته واذ به دكتورمتميز بشخصيته وسمعته في الجامعة الاردنية ولم ينس فضل السنوات السابقة وفضل عدم كشف شخصيته الى ان وصل الى ذلك المنصب.
زبدة الحديث..
قيادة سليمة وتفهم وتقديم برامج في مستوى فكرهم هذا ما يريده الشباب، وتابع مامسر: ولانني اؤمن ان هنالك طاقات كامنة اذا اخرجناها ابدعوا ومع وجود القيادة والتوجية تنفجر تلك الطاقات، واسف ان هنالك شبابا واعدا لكن الثقة بينهم وبين الكبار ثقة مفقودة اعتبارا من الاب او المعلم او استاذ الجامعة والاداري حيث تجد التعامل بينهم تعاملا فوقيا وتسلطيا وهذا ما يقتل الشباب فالثقة مفقودة، واعادتها وبنائها بحاجة الى مصداقية وجهد واجندات عامة.
واضاف مامسر، الذي نتمناه اولا ان ندرب الشباب ونعطيهم الفرص تسلسلا من البيت والمدرسة والجامعة وان لا يكون تسلط الاب موجودا وان نسمع لابنائنا، وفي المدرسة المعلم لا يكفي لابد من وجود برلمانات طلابية واوقات مخصصة للحوار وتقبل الراي والراي الاخر، اما بالنسبة للجامعة فالعلوم والمعارف موجودة لكن الاهم من ذلك الجلسات الحوارية والنقاش، لابد من وجود تنظيمات طلابية حقيقية تباشر مع افراد مختصين وبناء ملكة تتقبل الحوار الصحيح لتخرج شبابا ناضجا واعيا لادراكاته لديه الخبرة والقرارات التوافقية.
الاعمال التطوعية..
وشدد مامسر على الاعمال التطوعية ومفاهيمها المتعددة، فهنالك العمل التقليدي وهو النابع من عمل الجمعيات ويقوم به الفرد بشكل فردي او جماعي غير منظم، اما التطوع المنظم فهو الناتج عن العمل في مؤسسات المجتمع المدني كالاندية والاحزاب والنقابات، او هيئات ومنظمات غير حكومية واذكر انه عندما كنت وزيرا للتنمية الاجتماعية كان هنالك لا يقل عن 3500 مؤسسة فيها لا يقل عن 100 شاب.
واشار، هنالك عدة جمعيات خيرية وعلى ما اظن انها تتعدى 1500 جمعية لكن للاسف ليس كلها فاعل وهنالك تراجع خاصة بعد اتهام بعضها والتدخل الحكومي في اعمالها.
حيث ان تدخل الدولة اضعف مفهوم العمل التطوعي لكن لازال هناك ولاء وانتماء عند البعض موجود ويعمل لصالح المفهوم التطوعي.
معسكرات الحسين.. ذكريات لا تنسى
ضرورية وغاية في الاهمية خاصة في هذه الايام، واضاف مامسر، لكن للاسف وبكل صراحة إعداد الشباب وتأهيلهم وتنشئتهم ليست من اولويات السياسات بالحكومات المتعاقبة ولا يخصص للشباب ميزانيات تذكر وتاتي بالمرحلة الاخيرة.
وتابع مامسر، استلمت امينا عاما ووزيرا للشباب في 88-89 وقمنا بعمل دراسة ميدانية علمية حول نسبة الوزارات والمؤسسات التي تشرف على الشباب وجد فقط 2% وايضا شبه صوري، فوضعنا خطة لرفع هذه النسبة من 2% الى 15% وكان المطلوب كل سنه 3 ملايين علما بأن نظريا وزارة الشباب مسؤولة عن الشباب خلال اوقات فراغهم والشباب الاردني على مقاعد الدراسة لديهم فراغ ما يوازي 280 يوما.
وتابع، من ضمن الخطة طلب تخصيص 500 مدرسة لاستخدامها كمراكز للشباب لان 73% من تلك المدراس مغلقة خاصة وانها تضم ملاعب واسعة وفيها عدة انشطة وغرف كمبيوتر، فكانت النتيجة ان الاهتمام مجرد نظري ولا وجود للموازنات ومن دونها لا نعمل شيئا فهذا هو حال الشباب من سيء الى اسوأ.
فأين هي المعسكرات الشبابية التي امضينا فيها اوج حياة الطاقة الشبابية التي خرج منها شباب تذكر اسماؤهم الى اليوم سواء في العمل السياسي او الاجتماعي او التنموي، اين رواد تلك المرحلة وعلى من نضع اللوم!!
رسالة
سلاح الشباب لتتمة مشوارهم العلم ثم العلم ومع الاسف ايضا باتت المدارس والجامعات غير جاذبة وبالتالي هناك تراجع في مستوى التعليم العام .
فلابد للشباب من الاعتماد على ذاتهم وان تكون المؤثرات الخارجية من فضائيات وانترنت اختيارات ايجابية تدعمهم في معارفهم والابتعاد عن السلبية منها التي تؤدي الى الانحراف.
والاهم هو ضرورة توجيه الشباب الى العمل العام والانشطة الثقافية والرياضية المفيدة والابتعاد عن التعصب القبلي والعنصري والاقتناع بان مستقبل الاردن يتوقف على مشاركة فعالة من الشباب الاردني والعودة الى العمل الجماعي دون تحيز او تطرف .
الايام القادمة والمستقبل اصعب بكثير فان لم تكونوا على قدر من وثاق وثقة عالية بالنفس فسوف تكون ايامكم اصعب بكثير.
تأهل المنتخب
منتخب واعد اتمنى واتأمل ان يتأهلوا لكن المشكلة ما بعد التأهل!! حيث انهم بحاجة الى اضعاف مضاعفة من الجهود للوصول الى النهائيات، حيث اننا نصل الى نصف النهائيات وبعدها نهبط وذلك لعدم وجود استراتيجية واضحة وبعيدة المدى .
اتنمى من الله ان يستمر الدعم والاعداد بمضاعفة الجهود السابقة للوصول..
الحقيبة السياسية
مامسر تولى خلال رحلة عمله حقائب وزارية، وزارة التنمية الاجتماعية للمرة الاولى من عام 97الى عام 98 والمرة الثانية استمرت الى 99 .
وعين وزيرا للشباب والرياضة اذار99 الى تموز منه ، بحسب توالي الحكومات، ومنح الاوسمة منها: وسام النهضة الاردنية، وسام الاستقلال من الدرجة الاولى، وسام الحسين للعطاء المميز، قلادة الكشاف العربي، وسام الابداع العلمي، الوسام القومي الشركسي.
كما شغل رئاسة وعضوية العديد من اللجان، وعلى الصعيد الشركسي فهو نشط ولديه عدة كتب ومقالات وانتهى مؤخرا من تأليف الموسوعة التاريخية للامة الشركسية( الاديغة).