ستقف الأوساط الصحفية والاعلامية في الأردن منذ مطلع كانون الثاني من العام الجديد شاهدة على مقصلة السلطات الرسمية في المملكة بإعدام صحيفة السبيل اليومية، وستصطف إلى جانبها أوساط سياسية ونقابية وحزبية وحراكية فقط تتحسس رقابها، وكأنها تستشعر نظرية (جاييك الدور) التي تنتظرهم ولا يكتفون سوى بالمشاهدة عسى أن تنفع شهادتهم يوما امام التاريخ. أيها السادة لم أشأ أن تفوتني فرصة تاريخية بأن اكون شاهدا على مجزرة في الحريات الصحفية والحريات العامة في الأردن يظهر كجزء بسيط منها إغلاق صحيفة يومية، ستتعداه يد الجلاد لصحيفة وحزب ونقابة وغيره في المرحلة القادمة. كثر من سيحاولون تجنيب الحكومة من مسؤولية إغلاق صحيفة السبيل التي يؤخذ عنها الطابع الاسلامي بحقها وحق كوادرها التي تشرفت أن أكون منهم على مدار 11 عاما، وأكثر منهم سيعمد إلى اختزال الوضع في أزمة مالية ألمت بالجريدة أجبرتها على الانحسار طوال العام الفائت، والانتهاء بانقطاع كلي على مستوى المطبوعة اعتبارا من الاول من كانون الثاني من العام 2020، دون أن يطرحوا ولو مجرد تساؤل عمن تسبب بهذه الازمة لصحيفة ميزانيتها صغير جدا مقارنة بصحف كبرى لم تتوان الحكومة عن تقديم الدعم وانقاذها من الاغلاق في ظروف مماثلة من حيث النتيجة، لكنها تختلف كليا من حيث المعطيات، وبهذا الخصوص لست مخولا بالحديث باسم إدارة الصحيفة التي ذكرت مرارا وتكرارا على الملأ وأمام مجلس نقابة الصحفيين أن حل أزمة صحيفة السبيل في متناول الحكومة دون أن تلتفت الأخيرة لمصير عشرات الصحفيين والموظفين والاداريين العاملين في صحيفة السبيل اسوة بصحف أخرى نالت ونال صحفيوها بركات الحكومة أو بالأحرى بركات الضمان الاجتماعي. عام 2020 لن يكون بمقدور صحيفة السبيل أن تدخل عامها الثامن والعشرين، ومنذ الأول من كانون الثاني من العام الجديد لن تصدر عددها 4366، وسيحرم قراؤها من موادها الصحفية التي يشهد لها من خصومها قبل منتسبيها بأنها أعدت بمهنية عالية ودقة وموضوعية بعيدا عن أية اعتبارات تضمن استمرار صدورها لو انها قدمت تنازلات بمعاييرها، وعلى الرغم من وصفها من قبل البعض بأنها صحيفة معارضة، وضعت نفسها على الدوام في صف الوطن، لكن أكثر ما أعرفه أن الصحافة الأردنية ستستهل العام 2020 من دون سبيل، وما أخطر أن تضل الصحافة سبيلها. الحديث يطول في السياسات الحكومية التي أودت بصحيفة السبيل إلى الاغلاق، لكنني لا أجد داعيا للإطالة ولا سيما انني أعلم أن الوقت قد فات، على أمل أن تستفيد الصالونات الصحفية على اعتاب انتخابات نقابة الصحفيين من تجربة السكوت على اغلاق صحيفة السبيل وصحف اخرى بموجب القانون الأوسع انتشارا الذي اقر في الأشهر الأولى من عمر مجلس النقابة الحالي.