بقلم :المهندس احمد المومني
لم يكذب من قال أن هذه الحرب حرب كاشفة، تكشفت فيها الأقنعة عن الجميع و توالت الصدمات واحدة تلو الاخرى و آخرها تَكَشف بعد لقاء جلالة الملك مع الرئيس الامريكي، فمن كنا نسمع منهم التحليلات على قناة الجزيرة في ما يخص تطورات الحرب و الاوضاع بالمنطقة لم ينتظرو ا حتى انتهاء اللقاء و اطلقوا أبواقهم الناعقة بمصطلحات “باعوها” “سلموها” “يلي باع زمان لن يشتري الآن” .
لعل الجهل اللغوي قادهم لقول ما قالوه و لكن عدم الانتظار حتى الانتهاء من اللقاء و فهم سياق الحديث كاملاً يوحي بأن هنالك حقدًا دفينًا اتجاه الأردن ،وكأنهم كانوا ينتظرون فرصة لاطلاق هذا الحقد من داخلهم .
السؤال الذي يجول في خاطري هو هل كانوا ينتظرون من الملك احراج رئيس أعتى دولة في العالم في بيته الأبيض على مسامع العالم أجمع لتسجيل موقف يكون على حساب الأردن؟ هل يعلمون أنه كان هناك اتفاقًا أردنيًا أمريكيًا بعدم الإدلاء بأي تصريحات صحفية على أن يصدر بيانا مشتركًا بعد اللقاء ؟ وهذا ما تحدث به الصحفيون الذين يقومون بتغطية نشاطات البيت الأبيض بانه تم إبلاغهم بانه لا توجد تصريحات وفجأة فتح الباب وطلبوا منهم الدخول وهي خطوة غدر أمريكية أراد المضيف فيها ان يحرج الضيف ما اغضب الملك الذي لم يرغب بتفجير اللقاء و قال قولًا دبلوماسيًا مقتضبًا امام الشاشات بان “مصلحة بلدي هي الأساس “بكل ما تعني هذه الكلمات ذات الدلالة من رفض يستند للاءات وثوابت اردنية ،فضلًا عن ان هناك موقفًا عربيًا ،وتصورًا لما يجب ان تكون عليه الامور في اليوم التالي لإنهاء الحرب ،قائمًا على اعادة الإعمار مع وجود أهل غزة على ارضهم وعدم تهجيرهم ، للحؤول دون تصفية القضية الفلسطينية وآخر دوليًا رافضًا لطروحات ترامب التي يؤيدها إلى جانبه فقط نتنياهو .
هل يدركون أن ما قاله الملك يعبر عن دبلوماسي وزعيم محترف ،لا يرغب بالدخول في مهاترات ومزاودات ،لا تليق بملك من سلالة ملوك ؟ ثم ألم يتابعوا ما صدر من تغريدات للملك ،جلية واضحة ،بعد انتهاء اللقاء المغلق المطول، الذي تحدث به الملك بالتفصيل ،مؤكدًا الرفض الأردني والعربي والدولي لخطة ترامب ، ورفض التهجير ،والذي نقلته وسائل الاعلام الغربية ، وهو ما اكدته المتحدثة باسم البيت الأبيض في تصريحاتها امس الاربعاء التي لا تحتمل التأويل والتفسير اذ أكدت ان الملك رفض الخطة ، ولا أريد أن أتحدث عن كلمة ترامب المتلفزة الموجهة للشعب الأردني وهو أمر غير مسبوق من رئيس أمريكي تجاه شعب وقائده والكل شاهده .
لماذا و لماذا و لماذا و الاسئلة كثيرة.
لكن عتبي كل العتب على اعلام الدولة الرسمي و ضعفه في تغطية الحدث بالشكل الذي يليق به و السماح لهذه الابواق بقول ما قالته .
في النهاية، من لا يقف مع موقف الدولة الرسمي، ممثلًا بجلالة الملك، عليه مراجعة نفسه ،وقيمه وأخلاقه.