8 سنوات على وفاة الكايد .. مسيرة مضيئة في الحياة السياسية والإعلام
كأنها الامس، 8 سنوات مرت على غياب عميد الصحافة الاردنية محمود الكايد ، الذي عاش حياة فيها الكثير من الابداعات وعلامات التأسيس في مجال الصحافة ابان عهدها الذهبي ويسجل له ريادته وتميزه وقيادته الحصيفة للمؤسسة الصحفية الاولى (الرأي).
ويسجل للفقيد بانه رائد مدرسة صحفية مميزة ومرجع في المهنة يعتد به ويعتبر من الاساتذة الكبار والقامات العالية في المهنة عربيا واردنيا ويفتقده جيل المؤسسين الكبار.
درس محمود كايد الضرغام الحياصات في ‘كُتّاب’ الحي والتحق بمدرسة السلط ، في السابعة من عمره.
في مدرسة السلط كوّن «ابو عزمي» رحمه االله ثقافته السياسية مبكرا بفعل تأثير عدد من المعلمين الذين درسوا في العراق وفلسطين وسورية، وتركيا.
وعين «أبو عزمي» في وزارة الإعلام ثم عمل في دائرة المطبوعات والنشر لمدة ست سنوات. وبعدها غادر الى دمشق لاتمام دراسته الجامعية حيث التحق بكلية الحقوق بجامعة دمشق بين عامي 1968 و1970 ،لكن لم يكمل الدراسة.
انتُدب خلال ذلك للعمل محرراً في صحيفة ”القدس“ التي صدرت في القدس نتيجةَ دمْج صحيفتَي ”الدفاع“ و“الجهاد“، حتى وقعت حرب حزيران سنة 1967 .ثم عُيِّن مديراً للتحرير في صحيفة ”الرأي“ (1974 ،(ثم رأسَ تحرير الصحيفة منذ سنة 1976 ،كما رأسَ مجلس إدارة المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، وبقي في هذين المنصبَين حتى سنة 1998 .ثم عُيّن وزيراً للثقافة (2001/2000).
وصفه الاحباء ومن زامله في مرافق كثيرة من حياته, بالاب والاخ والاعلامي الحصيف.. والصلب في مهنة البحث عن المتاعب, التي رق لها قلبه برغم ما نابه من متاعب احبها وعشقها واخلص لها.
وعنه قال الاستاذ الاعلامي ابراهيم عز الدين :تعرفت على المرحوم محمود الكايد وكان موظفا في المطبوعات والنشر يتميز بالهدوء والعمق والاهتمام الشديد بالقضايا العامة.
في هذه المرحلة، كان الكايد رجلاً حزبياً تعرض في حياته لما يتعرض له اي ناشط سياسي وكان له اراء محددة وعقائدية.
في المرحلة الاولى لم اكن على صلة به وفي الثانية كنا زملاء في العمل الاعلامي لديه عمق وشيء كثير والقدرة على تحليل الامور الداخلية المحلية الاردنية وحتى العربية والدولية.
المرحلة الثالثة من حياته وهي الاهم موجودة بالرأي اذ كان محمود الكايد احد الاشخاص الذين اداروا ووضعوا سياسة الرأي التحريرية.
برع الكايد في الموازنة بين مقتضيات المهنة وطموح الصحفيين والمسؤولية وكان في ذلك نادرا.. الاستقلالية والمسؤولية والحرية ومحافظته على وضع الصحفية وعلاقتها مع الحكومة.
واهم ميزة في المرحوم هو قدرته على قيادة صحيفة الرأي واسهامه ان تكون الصحيفة الرائدة في الاردن مع استقلاليتها وكان قادراً على استيعاب الحكومة والرأي العام والزملاء في المهنة واستطاع ان يصل بالرأي الى مصاف الصحف الناجحة كمؤسسة وصحيفة للوطن.
كان لديه شخصية يصعب تقليدها وصعب ان تجد من يقوم مقامه في التوليفة النادرة التي اجترحها لنفسه كان كثير الدفاع عن زملائه الصحفيين ولا يرضى لهم الضيم وكثير الرعاية لهم في جميع الاحوال وبمثابة الاخ الكبير.
وصل الراحل الى شخصية ذاتية ، مميزة وفيها بعدها الوطني والانساني ولها رؤيتها السياسية التي كانت تعبر عن روح الجماهير ومصلحتها, ولذلك نشعر بأن خسارتنا هي خسارة رائد كبير في مجال الصحافة العربية والاردنية, وخصوصا ان الصحافيين الملتزمين امثاله, قد اصبحوا ندرة هذه الايام. اعتُقل الراحل لعمله السياسي مرّات عدة خلال الفترة (1953-1957) بسبب انتمائه للحزب الشيوعي، ومكث في السجن (معتقل الجفر) ثماني سنوات حتى أُفرج عنه سنة 1965 بعد صدور عفو عام في عهد حكومة الشهيد وصفي التل.
وصدرت له أعمال صحفية و أدبية، في مجال المذكرات والصورة الاخبارية والسير منها: ”خارج النص: صور قلَمية لشخصيات لها حضورها“، تراجم، المؤسسة الصحفية الأردنية (الرأي)، 1999.
”أولئك الراحلون“، سيرة غيرية، مركز ”الرأي“ للدراسات والمعلومات والمؤسسة العربية للدراسات والنشر، عمّان-بيروت، 2004.
توفِّي في مثل هذا اليوم 31/-2010/5 -في عمّان، ودُفن في السلط.
(الرأي – حسين دعسة).