الكرامة ما زالت صورتها في نفوس الاجيال
خمسون عاما على معركة الكرامة ، وما زالت صورتها حية في نفوس الأجيال يتناقلون قيمها والدروس التي حملتها فيما بينهم باعتزاز وفخر كبيرين ، متمسكين بجميل الانتصار في هذه المعركة يغرسون في أذهانهم كل المعاني والمفردات لتبقى خالدة في حياتهم .
“ابي من الذين شاركوا في معركة الكرامة الخالدة ،ونحن الأبناء نحب أن نكمل هذه المسيرة ، ونكمل هذه المسيرة مع الاجيال القادمة ،وهي مسيرة الكرامة والاعتزاز والفخر”، بهذه الكلمات تعبر المرشدة التربوية في مدرسة الاميرة رحمة بنت الحسن للبنات نسرين كفاوين، التي شارك والدها في معركة الكرامة، وهي تحمل في داخلها رسالة سامية روحها العطاء وقيم الصبر والشجاعة والتضحية التي غرسها الاباء في نفوسهم.
وفي عملها التربوي تستحدث كفاوين أساليب مبتكرة لتعزيز الروح الوطنية في نفوس الطالبات من خلال أنشطة مختلفة ، وتُشركهنّ فيها في مختلف المناسبات الوطنية، مشيرة الى أن معركة الكرامة ، هي بحد ذاتها كرامة على مدى السنين وليست مناسبة نستذكرها فقط في 21 من آذار من كل عام، “فهي مصدر فخر واعتزاز لكل اردني وعربي”.
تحاول كفاوين اطلاق ابداعات الطالبات ومنح حرية التعبير لهن عن مشاعرهن وآرائهن وفكرهن من خلال سلسلة من الأنشطة اللامنهجية،عبر المسرح والإذاعة المدرسية ولوحات الحائط ، وفقرات الفلوكلور الشعبي وأناشيد وطنية وتدريبات مختلفة بانسجام واتساق وتناغم فيما بينهن تنمية للروح الوطنية وتعزيزا لقيم الولاء والانتماء للقيادة الهاشمية الحكيمة.
معركة الكرامة من اسمها كرامة جميع الاردنيين …
المعلمة رانيا المومني التي شارك والدها في معركة الكرامة وكانت بالنسبة لها بصمة واضحة غيرت مجرى حياتها ، ودفعتها نتائجها إلى دراسة تخصص معلم مجال اجتماعيات في جامعة اليرموك، حبا في تاريخ الاردن المشرق.
تقول” منذ الصغر تربينا في بيت مليء بالقيم والانتماء والولاء والانتماء للقيادة الهاشمية ، وافتخر بوالدي رحمة الله عليه العقيد المتقاعد محمد حسين المومني الذي ربانا على القيم والمبادئ ،وأذكر انه عندما شارك في معركة الكرامة وغاب عن البيت شهرين متتاليين توقعنا استشهاده لكنه بعد ذلك عاد إلينا بالسلامة، وأضفى علينا وجوده بيننا وسرده لقصص المعركة بين الحين والآخر أثرا ايجابيا ، ورسالة سامية مشرقة تتوج عميق بطولات التضحية وحب الوطن، غرسها فينا ونقلناها للأجيال التي أدرّسها.
ترى المومني ان المعلمة لا ينحصر عملها داخل الغرفة الصفية، وإنما تمتد مسؤوليتها الى اعداد الطالب اعدادا شاملا ومتكاملا ، ليصبح مواطنا صالحا يعتد به في الاعتماد على النفس وتحمل المسؤولية وتنمية روح المبادرة لديه.
وتبين أنها تستخدم استراتيجيات متنوعة وأساليب مختلفة، ليتعرف الجيل الجديد ما حدث في السابق ، وتعمل أيضا على ربط كل الوقائع بأحداث تجري في حياتنا ، وفي حصتها التدريسية للتاريخ بشكل عام ولمعركة الكرامة بشكل خاص،حسب تعبيرها، لا تعطي مادتها لمجرد التلقين بل تعتمد على التفاعل والمشاركة وربط الماضي بالحاضر ، باستخدام وسائل تكنولوجية حديثة مواكبة لعصر الرقمنة، وبما يناسب احتياجات الطالبات لتبقى القيم والروح الوطنية عالقة في الاذهان وراسخة في الوجدان مدى الحياة.
المعلم مأمون أحمد الخزاعلة ، يفتخر هو الآخر بمجد أبيه في معركة الكرامة، حاملا هو الآخر رسالة والده ليسطرها في وجدان أبنائه الطلبة مستحرضا معهم خلاصات الدروس والعبر من المعركة..
يقول “كان الوالد يصطحبنا الى أرض المعركة منذ الصغر ونشعر بتفاصيلها وأحداثها كما هي وكأنها حيّة أمام ناظرينا، ويقص علينا حكاياها ومواقع أبطالنا البواسل في مواجهة العدو، بكافة تفاصيلها ، فأذهب الى المدرسة في اليوم التالي وكلي شغف لأسرد ما في جعبتي عن ما سمعته أذناي وما تعلمته من والدي على زملائي وأقراني فيشعرون بالفخر والعزة ويدعون له بطول العمر” يتابع الخزاعلة حديثه في استحضاره للذكريات عندما كان على مقاعد الدراسة آنذاك ، فكان والده سندا له في تزويده بكل ما يحتاج الامر لمزيد من التوضيح والتفسير، فيمسك فرشاة ألوانه يدا بيد مع ابنه في إكمال رسم الدبابة، التي يعتبرها أنها في غاية الاتقان وكأنها “حقيقية” بحد تعبيره.
يتابع حديثه بفخر “كنا على اتم الاستعداد للتحضير في ذكرى هذا اليوم ، فيساعدنا الوالد أيضا في كتابة الكلمات لنلقيها في الاذاعة المدرسية بكل افتخار، هذه الروح كانت وما زالت في أبي الذي ينبض قلبه حبا للوطن والعطاء وما زال يغرس فينا قيم الولاء والانتماء وحب الوطن والصبر والشجاعة”..
الخزاعلة مازال ينقل لأبنائه الطلبة تفاصيل أحداث المعركة ،وكأن الزمن يعيد نفسه فينقلها الطلاب بدورهم الى زملائهم وأقرانهم.
معركة الكرامة تحديات وبطولات معركة الكرامة التي حدثت في 21 من اذار في العام 1968 في المنطقة التي تحمل نفس الاسم في غور الاردن ، وهي منطقة جغرافية واستراتيجية هامة ولها مكانة دينية تمثل أرض الرباط في سبيل الله ضمن منطقة بلاد الشام وفيها العديد من اضرحة الصحابة فيها.
كانت تهدف اسرائيل من المعركة الى تحطيم القدرات العسكرية للقوات الأردنية وزعزعة الثقة بنفسها بعد حرب حزيران 1967، واحتلال المرتفعات الشرقية من المملكة (البلقاء)، والاقتراب من العاصمة عمان للضغط على القيادة الأردنية لقبول شروط الاستسلام التي تفرضها إسرائيل، والعمل على توسيع حدودها بضم أجزاء جديدة من الأردن إليه، ومحاولة احتلال أراض شرقي النهر والتشبث بها بقصد المساومة عليها، نظراً للأهمية الإستراتيجية لهذه المرتفعات ولزيادة العمق الاستراتيجي الإسرائيلي.
كما هدفت اسرائيل من المعركة ضمان الأمن والهدوء على طول خط وقف إطلاق النار مع الأردن، وتوجيه ضربات مؤثرة وقوية للقوات الأردنية التي كانت توفر الحماية والدعم والمساندة للمقاومين العرب، وزعزعة الروح المعنوية لدى الأردنيين القاطنين في منطقة الأغوار، من أجل نزوحهم من أراضيهم ومزارعهم .
لكن وبحسب نتائج المعركة فشل العدو تماماً في عملياته العسكرية، دون أن يحقق أياً من أهدافه التي شرع بهذه العمليات من أجلها وعلى جميع المحاور، التي تحطمت أمام صخرة الصمود الأردني، ليثبت للعدو من جديد بأنه قادر على مواصلة المعركة تلو الأخرى، وعلى تحطيم محاولاته المستمرة للنيل من الأردن وصموده.
في تلك الفترة كانت القوات الإسرائيلية، نتيجة للمعلومات التي توفرت من مصادر الاستخبارات ومشاهدة أرض المعركة، تقدر بفرقة مدرعة (+) مع أسلحتها المساندة، إضافة إلى سلاح الجو وكما يلي:
اللواء المدرع 7 واللواء المدرع 60 ولواء المشاة الآلي 80 وكتيبة مظليين من لواء المظليين 35 وخمس كتائب مدفعية ميدان ومدفعية ثقيلة وأربعة أسراب طائرات مقاتلة ميراج، مستير وعدد من طائرات الهيلوكبتر القادرة على نقل كتيبتين دفعة واحدة وكتيبة هندسة مدرعة.
بينما كان للقوات الأردنية على ارض المعركة فرقة المشاة الأولى وتدافع عن المنطقة الوسطى والجنوبية ابتداءً من سيل الزرقاء شمالاً وحتى العقبة جنوباً وكانت موزعة على لواء حطين وبمواقع دفاعية على مقترب ناعور ولواء الأميرة عالية ومواقع دفاعية على مقترب وادي شعيب، ولواء القادسية بمواقعه على مقترب العارضة، ويسانده لواء الأمير الحسن بن طلال المدرع 60، وفرقة المشاة الأولى حيث كانت إحدى كتائبه موزعة على الألوية وكتيبة بدور الاحتياط للجيش في منطقة طبربور، فيما تساند الفرقة ثلاث كتائب مدفعية ميدان وسرية مدفعية ثقيلة وكتيبة هندسة ميدان الخسائر في المعركة 86 شهيداً اردنيا و108 جرحى، وتدمير 13 دبابة و39 آلية مختلفة.
أما خسائر القوات الإسرائيلية:
250 قتيلا و450 جريحاً، وتدمير 88 آلية مختلفة شملت 47 دبابة و18 ناقلة و24 سيارة مسلحة و19 سيارة شحن وإسقاط 7 طائرات مقاتلة.
كما وأبرزت المعركة حسن التخطيط والتحضير والتنفيذ الجيد لدى الجيش العربي، مثلما أبرزت أهمية الاستخبارات، إذ لم ينجح العدو بتحقيق عنصر المفاجأة نظراً لقوة الاستخبارات العسكرية الأردنية والتي كانت تراقب الموقف عن كثب وتبعث بالتقارير لذوي الاختصاص، حيث تمحص وتحلل النتائج فتنبأت بخبر العدوان من قبل إسرائيل مما أعطى فرصة للتجهيز والوقوف في وجهها.
أبطال المعركة يروون تجربتهم لأبنائهم وأحفادهم الرقيب الاول المتقاعد أحمد الخزاعلة أحد أبطال المعركة، وبالرغم من إصابته بعينه وإجراء عملية قلب مفتوح له نتيجة اصابته في المعركة، إلا أنه تتفطر عينه وقلبه شوقا لزيارة أرض المعركة ، كيف لا ودبابته الباتون رقم 15216 ، كانت في طليعة دبابات الجيش الاردني في مواجهة العدو، والحاق الخسائر بهم.
يفتخر الخزاعلة بمشاركته في الحرب،في كتيبة الدبابات الثالثة التي تسمى بأم الدروع ،إذ أعطت المعركة بمجرياتها دروسا لا تنسى بما يمتلكونه من سرعة البديهة والقتال بروح الفريق الواحد، وتحمل المسؤولية خاصة في حال انقطاع الاتصال مع القائد، مبينا انه لا مجال للانتظار،”فإذا لم تدمر العدو بطلقتك الاولى ، فإن الثانية عليك”، فالإجراء فرديا مستندين الى المعنويات العالية.
ويشير لم نلتحق بالوحدات المقاتلة إلا ولدينا الصبر والشجاعة ، والايمان بالله، ولدينا الجاهزية والكفاءة العالية، إذ تدربنا منذ الصغر في مدرسة الدروع لمدة سنة كاملة على المدفعية واللاسلكي وقيادة السيارات والدبابات وصيانتها.
ويستذكر دور الاهل والنساء بما فيهم الامهات في شحذ الهمم ورفع المعنويات، إذ لا ينسى دعوة أمه رافعة يدها الى السماء تناجي الله”يا ناصر الستة على الستين” ، في اشارة الى ان اعداد مقاتلي الجيش العربي وإمكانياتهم قليلة.
يحرص الخزاعلة على تعليم أبنائه وأحفاده قيم الصدق والامانة والشجاعة والصبر في سبيل الدفاع عن أرض وترابه الطهور، ويرسخ ذلك في نفوسهم بأخذهم الى موقعة الكرامة وعند الجندي المجهول ، ويسرد لهم الاحداث ومكان تواجد دبابته ،وشرح تفصيلي بالزمان والمكان لكافة مجريات المعركة..
المعركة حطمت اسطورة الجيش الذي لا يقهر يعتبر العميد الركن المتقاعد أمين بنية المحيسن أحد المشاركين في معركة الكرامة أن النصر يولد النصر ، فالانتصار في المعركة لم ترفع معنويات ابناء المجتمع فحسب، وإنما كل العرب الذين انتصروا في تلك اللحظة ، فهم حطموا اسطورة الجيش الذي لا يكسر .
ويذكر المحيسن انه حينما كان في تلة الحاووز المشرفة على الشونة، إذ دبابة اسرائيلية واحدة هناك وتناولها العريف أحمد الخزاعلة ودمرها، فالهجوم الرئيسي على محور جسر الملك حسين، والحقنا خسائر عديدة بهم في المحاور الاخرى.
وقال حينما طلبت إسرائيل وقف إطلاق النار بعد ساعات من بدء المعركة، كانت ترى شراسة المواقع الدفاعية للجيش العربي الذي خطط معركته كاملة على أساس تقييم قدرات العدو المقابلة له، وبفضل قيادته الحكيمة فقد أصر الأردن على لسان جلالة المغفور له الملك الحسين طيب الله ثراه على (عدم وقف إطلاق النار طالما أن هناك جندياً إسرائيلياً واحداً شرقي النهر).
ويضيف …برر حينها العدو ان هدفهم هو قرية الكرامة لقتال الفدائيين على انه تم تحقيق هدفهم، معتبرا البنية، ان هذه عادة العدو في فشله ، يقلص من هدفه ليبرر فشله.
ويوضح أن المعركة سميت بالكرامة، فيما كان الاسرائيليون آنذاك يريدون تقليصها بقرية الكرامة، لكن بمفهومنا هي اعادة الكرامة العربية ، إذ ان المعركة وحدت العرب وكانوا يدا واحدة في بوتقة واحدة لمواجهة العدو..
وأشار الى أن افراد الجيش الاسرائيلي عندما ظهروا في فيلم وثائقي لهم عن معركة الكرامة برر واحد منهم فشله في تحقيقه اهدافه على ارض المعركة بأنه تفاجأ بالرمايات المسددة ، والبعض قال نتيجة طبيعة الأرض، والبعض قال كثافة الهجوم عليهم، خلّف خسائر كثيرة ، لأن رشقة المدفعية الاردنية توق ع أكثر من هدف.
لا ينسى المحيسن مقولة ضابط اسرائيلي له عندما كان في دورة تدريبية في أميركا ان أشد يوم في حياته هو يوم معركة المعركة، اذ خسرنا خسائر جمّة فيها .
ويرى ان الانتصار هو عنصر هام في العملية التربوية ،وكذلك التربية على الروح الوطنية والقتالية والتي تتنامى بصورة كبيرة في نفوس الاطفال والشباب، مستذكرا انه بعد الكرامة أصبح هنالك اندفاعا للتسجيل بالجيش بشكل ملحوظ واكتملت مرتباتها ، وأصبح هنالك رغبة في القتال ،وتعززت الثقافة العسكرية في كل بيت.
ويبين ان أبناء العسكريين لديهم الحظ في تلقي هذه التربية والثقافة العسكرية ، فالابناء يتأثرون بآبائهم، ودائما أذكر ابني الاكبر الذي أصر منذ صغره التسجيل بالجيش والالتحاق به ،على الدروس المستفادة من معركة الكرامة .
علم النفس الدكتور عبدالله أبو عدس قال ان معركة الكرامة نقطة تحول في الذاكرة الجمعية العالمية، بأن الاردن قادر على الدفاع عن نفسه ونموذج للتصميم على خوض معارك البطولة والشرف والإقدام والتضحية بالنفس والتي هي اسمى انواع التضحية.
وأشار الى ان المعركة كانت بمثابة الرد العالمي على ان الاردن قادرا على التصدي لأي عدوان خارجي يمكن ان يؤثر على النسيج الاجتماعي أو الوطني،وكانت بمثابة رسالة من الاردن بأنه قادر على الوقوف في وجه الاسطورة الذي يدعي انه الجيش الذي لا يقهر، إذ كانت التضحية التناغم والتكاتف والتعاضد ورفع الروح المعنوية بطريقة سيكولوجية مدروسة بين القائد والمقاتل من ابرز سمات المعركة التي تدرس في كتب التاريخ .
كما أن الرسائل النفسية التي صَدّرت من معركة الكرامة الباسلة بحسب الدكتور أبو عدس هي رسائل ما زالت محفوظة في ذاكرة المقاتلين سواء في القوات المسلحة او الاجهزة الامنية ، فهي رسائل راسخة وزرعت في نفوس الاجيال ودرّست بطريقة عملية ومنطقية ،وما زال كل أردني يتغنى بمعركة الكرامة.
القيادة الهاشمية ترفع الروح المعنوية يقول الدكتور ابو عدس إن الراحل العظيم الملك الحسين كان يبث الطمأنينة ورسائل تشحن الروح النفسية ، وكان مفكرا من الطراز الرفيع، وكان لديه حنكة وتهيئة مسبقة للمقاتلين ، وأشار الى انه بالرغم من أن الجيش الاسرائيلي يمتلك من القدرات الاقتصادية والعسكرية ومن الدعم العالمي الذي يهيئه لكسب الحرب، إلا انه تفاجأ بالإعداد المعنوي الجيد ومن النفسية المتزنة التي تعتمد القيم الدينية والاجتماعية والنفسية للجنود التي تعتمد الدفاع عن ارض الوطن والتي كانت تستمد هذه الروح المعنوية من النبراس الاعظم الراحل الملك الحسين بن طلال رحمه الله، وما زلنا نستلهم هذه الروح العالية من قيادتنا الهاشمية لجلالة الملك عبدالله الثاني حفظه الله ورعاه.
وفي كلمته التاريخية، قال الحسين طيب الله ثراه، في اليوم التالي للمعركة:
“وإذا كان لي أن أشير إلى شيء من الدروس المستفادة من هذه المعركة يا إخوتي، فإن الصلف والغرور يؤديان إلى الهزيمة، وإن الإيمان بالله والتصميم على الثبات مهما كانت التضحية هما الطريق الأول إلى النصر، وإن الاعتماد على النفس أولاً وأخيراً ووضوح الغاية ونبل الهدف هي التي منحتنا الراحة حين نقرر أننا ثابتون صامدون حتى الموت، مصممون على ذلك، لا نتزحزح ولا نتراجع مهما كانت التحديات والصعاب” ويؤكد المحيسن أن رسالة الملك حسين كانت بمثابة تربية ، فبتواصله مع القادة والقطاعات، وطريقة حديثه مع العسكر سواء بالتلفزيون أو الاذاعة او المواجهة الشخصية لهم ، هي كافية لرفع روح المعنويات التي تحولت الى تصميم على القتال، بفضل قيادته المميزة انذاك الوقت .
الكرامة درسا يتجسد في حياة الاجيال ويبين الدكتور أبو عدس ان من الامور التي تساهم في حالة الاستقرار والاعتداد والافتخار والتي تؤثر على سلوك الفرد هو ترسيخ القيم من خلال الاسرة والمؤسسات الاجتماعية والتعليمية وعن طريق الخطب الدينية الاسلامية والمسيحية باعتبارهم لهم الدور الهام في ارساء الروح الوطنية وبتعظيم هذا الانجاز واستمرار بث خلاصة الرسائل التي تم استنتاجها من المعركة وهي التضحية التي تغرس الحس الوطني وقيم الولاء والانتماء..
الطالبة مريم ابو عايش تشعر بالافتخار والعزة ، كيف لا وهي منذ نعومة أظافرها وفي داخل المنزل تسمع عن بطولات معركة الكرامة ودور المدرسة هي الاخرى في تعزيز روح الولاء والانتماء والكرامة.
وأضافت ان المدرسة لها دور تكميلي للبيت ، إذ زودتها بالمعلومات التفصيلية عن المعركة وأثرتها بالكثير من الجوانب والدروس المستخلصة من المعركة هو أن الدفاع عن أرضنا بإيماننا بالله اولا وبقدراتنا وقوتنا ثانيا هي سبب النجاح والنصر.
الطالبة ثريا الخالدي من طفولتي اعرف عن معركة الكرامة وكان للأهل وللمدرسة الدور الكبير في معرفة هذه المعركة.
وبينت أن هناك الكثير من الدروس المستخلصة من هذه المعركة فبالرغم من قلة امكانيات الجيش الاردني انذاك الا انه انتصر على الجيش الاسرائيلي وألحق به الخسائر، وهذا يعني أنه بالرغم من قلة الامكانيات إلا أن الفرد باستطاعته تحقيق أهدافه بالايمان بالله والعزيمة والارادة الصادقة .
الطالب صهيب ابراهيم قال كلما أسمع جدي المتقاعد أحمد الخزاعلة وهو يروي لنا في البيت أحداث المعركة، نشعر في كل مرة وكأنه يحكي لنا القصة من جديد بطريقته المشوقة، وكنا نروي ما سمعناه منه في الاذاعة المدرسية وكنا نفتخر ونتبادل هذ القصص مع الزملاء ، وكنت أشارك في الانشطة من لوحات ، وانتظر هذا اليوم بحرارة لأسرد عن قصة المعركة بكل فخر.
فمعركة الكرامة درس لا ينسى ومحفورة في ذاكرتنا ووجداننا،حب الوطن من الايمان، ونبذل الغالي والرخيص لأجله، وأرواحنا فداء له.
وتبقى معركة الكرامة خالدة في نفوس الابناء والاحفاد ،إذ يحملون في جعبتهم جميل الانتصار في هذه المعركة قيما مغروسة يتناقلها الاجيال بتعاقب تبث في نفوسهم روح الانتصار ومزيد من العزم ويرفع الهمم ويعطي الحافز الاكبر لتبقى الاردن بأبنائها نموذجا في توحدهم وولائهم حول الراية الهاشمية تتعالى وتتعظم فيها الانجازات بخطى مليئة بالعمل الدوؤب والطموح لرفعة الوطن الغالي.