الملقي يرد على مناقشات النواب للبيان الوزاري
قال رئيس الوزراء الدكتور هاني الملقي ان طروحات النواب وملاحظاتهم خلال مناقشتهم البيان الوزاري للحكومة عبرت عن هواجس المجتمع وتطلعاته والتي تعكس بالضرورة الحرص على مصلحة الدولة ومواطنيها ورفعة الاردن وبهائه.
وتعهد الملقي في رده على مناقشات النواب للبيان الوزاري بمأسسة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية والتفاعل والحوار المستمر فيما يخص الشأن العام والتعاون والتكامل ” دون المساس بحقكم الدستوري في المحاسبة والرقابة على اعمالنا ” .
وقال رئيس الوزراء ان من يتبع سبل الواسطة والمحسوبية عدو للوطن وابنائه ومرتكب للاثم وآخذ لحق غيره وان من تسول له نفسه الاعتداء على المال العام او الصالح العام عن طريق الواسطة والمحسوبية انما يتطاول على جيب ومستقبل كل اردني .
وعن المديونية قال رئيس الوزراء ان نسبة الدين العام الى الناتج المحلي الاجمالي وصلت مستويات التحدي الاستراتيجي العميق وتجاوزت حدود الدين الآمنة وهي مخالفة لقانون الدين العام وادارته ، لكنه اشار الى برنامج الاصلاح الذي اعدته الحكومة دون املاء او توجيه من احد لتحفيز النمو الاقتصادي وخفض عجز الموازنة لافتا الى ان الاردن حافظ على استقراره المالي والنقدي الى حد كبير رغم وصول نسبة الدين الى مستواها الحالي .
واشار الدكتور الملقي الى ان مشكلة البطالة المرتبطة بالفقر تعتبر اولوية وطنية سببها عدم قدرة اقتصادنا على توليد فرص عمل بالقدر الكافي لكننا لا نستطيع غض الطرف عن وجود 2ر1 مليون عامل وافد يعملون في مختلف القطاعات .
واعلن رئيس الوزراء الاستمرار بدعم الخبز والسلع الاساسية ” ولن نعمل على رفع اسعارها مطلقا ” ولكن الحكومة ستعمل في الوقت ذاته على اتخاذ الاجراءات الادارية والفنية لضبط الهدر في الدعم الذي يذهب لغير مستحقيه.
وقال ان منتفعين من دعم الخبز والسلع الاساسية اصبحوا العائق الاكبر بوجه اي اصلاح اقتصادي .
وفي ملف الطاقة اعلن الدكتور الملقي ان العمل يجري حاليا على توفير امكانية التزود بالغاز المسال من دول كالعراق والجزائر وقبرص ومصر وفلسطين ، وان الحكومة اجرت لقاءات واجتماعات لبحث استيراد الغاز الطبيعي المسال من قطر والجزائر لكننا لم نتمكن من الحصول على اي عرض منافس حتى اللحظة، مشيرا الى ان الاتفاقية مع( نوبل انيرجي) تشكل ما نسبته 40% من احتياجاتنا من الغاز وتحقق وفرا مقداره 300 مليون دولار سنويا عن اسعار النفط العالمية الحالية .
وفيما يلي نص رد رئيس الوزراء على مناقشات النواب للبيان الوزراي للحكومة ..
بسم الله الرحمن الرحيم
والصّلاة والسّلام على النبيِّ العربيِّ الهاشميِّ الأمين، سيِّدِنا محمّدٍ، وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين.
قال تعالى: “وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ? إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ” (سورة النحل / الآية 18) صدق الله العظيم
السيّد رئيس مجلس النوّاب الأكرم السيّدات والسّادة أعضاء مجلس النوّاب الموقَّر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
تشرّفتُ وزملائي أعضاءَ الفريقِ الوزاريِّ، على مدار الأيّام الماضية، بالاستماعِ إلى كلمات ونقاشات مجلسكم الكريم لبيان الحكومة الوزاري؛ وقد جسّدتْ هذه النقاشاتُ الروحَ الديمقراطيّةَ الأصيلةَ، التي هي نهجٌ أردنيٌّ ثابتٌ، لم نحِد عنه مطلقاً على مرّ الزمن، رغمَ اختلافِ الظروفِ والأحوالِ.
ولا بدّ لي ابتداءً، وقبل أن أبدأ بالإجابة عن استفساراتكم وملاحظاتكم ونقدكم للبيان الوزاري، أنْ أشيدَ بهذا الأسلوبِ السياسيِّ الرفيع من الحوارِ والنقاشِ البنَّاءِ، الذي أبداهُ أعضاءَ مجلِسِكُم الكريمِ، من خلال طروحاتِهِم وملاحظاتِهِم التي عبَّرَتْ عن هواجس المجتمع وتطلّعاتِهِ، والتي تعكسُ بالضرورةِ الحرصَ على مصلحةِ الدولة ومواطنيهاَ، ورفعةِ الأردنِّ وبهائِهِ، والسعيِ الجادِّ منْ أجلِ تحقيقِ الأفضلِ للأردنِّ وشعبهِ، في ظلِّ الظروفِ الصعبةِ التي تحيطُ بِنَا، والتي وقفنا وسنقف كدولة في وجهها بكلِّ عزيمةٍ واقتدار.
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين لقدْ تناول غالبيّة أعضاء مجلسكم الكريم خلال نقاشِهم للبيانِ الوزاريِّ موضوع الشراكة والتعاون مع الحكومة، داعين إلى ضرورة تجسيد هذه الشراكة على أرض الواقع قولاً وفعلاً؛ ولقد تعهّدتْ الحكومةُ في بيانِها الوزاريِّ بتكريسِ هذا النهجِ مع جميعِ المؤسّساتِ الدستوريّةِ، وأنْ تتَّبِعَ سياسةَ الانفتاحِ الدائمِ، والحوارِ المستمرِّ حولَ مُجملِ الملفّاتِ الوطنيّة. وتبعاً لذلك؛ فإنّ الحكومة تتعهَّد بالتفاعل مع الذوات أعضاء مجلس النوّاب فيما يخصُّ الشأن العامَّ، كجزءٍ من العلاقة الدستوريّة بين السلطتين التشريعيّة والتنفيذيّة، المبنيّة أساساً على الاحترام، وتبادل المشورة والرأي، والتعاون والتكامل، دون المساس بحقِّكم الدستوري في المحاسبةِ والرقابةِ على أعمالِنا؛ وفي ذلك ترسيخٌ لنهجٍ سياسيٍّ يترجمُ رؤيةَ جلالة الملك وأوامِرَه الساميةَ؛ وهذه الروحيّةُ ستستمرُّ، سيّدي الرئيس، ما دامت هذه الحكومة موجودة وتحظى بثقة مجلسكم الكريم. وترجمةً لذلك، ستعمل الحكومة على مأسسةِ هذه العلاقة وفق منهجيّةٍ واضحة، من خلالِ اجتماعاتٍ دوريّةٍ مجدوَلةٍ، نستمع من خلالها إلى آرائكم، ونتحاور فيها معكم حول مختلف القضايا، ونخرج بتصوّراتٍ مشتركةٍ وواضحةٍ، نصوغها معاً على شكل قراراتٍ وسياساتٍ، يكون هدفها الوحيدُ الصالحَ العامَّ، وبذلك فإنّنا نجوِّدُ القرارات، ونوصلها من خلالِ نوّابِ الأمّةِ إلى قواعِدِهم الانتخابيّةِ، ليشعرَ المواطنونَ بقربِ صنّاع القرار والقرارات منهم، ومن تطلّعاتهم وأمانيهم.
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين لقد كانت مشكلة البطالة المرتبطة بالفقر حاضرة بقوّة في جلِّ خطاباتكم، نظراً لما تحمله هذه المشكلة من أولويّةٍ وطنيّة، وفي هذا الصدد، فإنّ الحكومةَ تعترفُ بوجود مشكلة قديمة متجدِّدة فيما يخصّ البطالة، سببها عدم قدرةِ اقتصادنا على توليد فرص عملٍ بالقدر الكافي، نظراً لما يعانيه من مشاكل، ونؤكِّد هنا بأنّ الحلَّ يكمن برفع معدّلات النموِّ، وجلب الاستثمارِ، وهذا ما نسعى إليه بكلِّ إلحاحٍ، لكنّنا في الوقت ذاته، لا نستطيع غضَّ الطرفِ عن وجود نحو (2ر1) مليون عامل وافد يعملون في مختلف القطاعات في الأردن، وهنا يكمن جزءٌ كبيرٌ من المشكلة، حيث يعاني سوق العمل من خللٍ هيكليٍّ، إذ إنَّ فرصَ العملِ الموجودة لا تذهبُ بالضرورة إلى شبابنا المتعطِّل عن العمل، بل إلى الوافدين، وهو ما دفعنا إلى مراجعةِ سياسةِ سوقِ العملِ بهدف إعادةِ هيكلته، ومنح الأفضليّة لتشغيل الأردنيين، لا سيما فئة الشباب ذكوراً وإناثاً. وكذلك تبنّت الحكومةُ عدداً من المبادراتِ لتشجيع الأنشطة الرياديّة في المحافظاتِ، واستحدثت برامجَ تمويليّةً لمن يشاءُ البدءَ بالعملِ، وسوف نعمل بالتشاركِ مع أعضاء مجلسكم الكريم لتفعيلِ البرامج التمويليّةِ الميسَّرةِ، وتيسير الإجراءات المرتبطةِ بها، وتسهيلها في مختلف المحافظاتِ. ونؤكّد أيضاً على سياسة التشغيل لا التوظيف؛ لأنّ القطاع العامَّ مثقلٌ وكبيرٌ، ويسبِّبُ عجزاً في الموازنة.
أمّا بخصوص مطالب السيّدات والسّادة النوّاب بدعم وتنمية المحافظات والمناطق النائية، خصوصاً الزراعيّة منها، فالحكومة ماضيةٌ باتخاذ خطوات إجرائيّة ومؤسسيّة من شأنها أن تسهم في رفع سويّة الواقع التنموي في تلك المناطق، وعلى غرار شركة تطوير وادي عربة، المملوكة للحكومة بالكامل، والتي تمّ إنشاؤها قبل شهر لتعمل على تطوير وإدارة الأراضي وتنميتها بما يوسع الرقعة الزراعية للأردن، وإنشاء الخدمات، وجذب الاستثمار، وتنمية المجتمع المحلّي اقتصاديّاً واجتماعيّاً، وتوفير فرص العمل، وتشجيع الصناعة والتجارة، إلى جانب المحافظة على البيئة، وتطوير المشاريع الخدماتيّة والتنمويّة، بما في ذلك المشروعات الرياديّة الزراعيّةِ، التي تستثمر في ميزة وادي الأردنِّ، وأراضيه الزراعيّة، التي وإن كانت تعاني لأسباب ماليّة أو لنقص المياه، لكنّها لا زالت مورداً اقتصاديّاً مهمّاً، يحتاج إلى العناية والابتكار والريادة، وهو ما ستوليه الحكومةُ أهميّةً خاصّة ادراكا منها لحجم التحدّيات التي تواجه القطاع الزراعي وعزمها على إيجاد الحلول الناجعة للتعامل معها بالتشارك مع القطاع الزراعي، الذي سيبقى عزيزاً بما يوفِّره من فرص عملٍ واستقرارٍ وأمنٍ مجتمعيٍّ، لذا فإنّنا نتعهّدُ بالعمل على توفير سُبُلِ الدعمِ ما أمكن، لرفع كفاءة هذا القطاع، ودعم المزارعين للاستمرار بالعمل فيه.
أما بخصوص تنظيم وتوزيع الاراضي غير الصالحة للزراعة المطلة على الاغوار، فقد تم انجاز جميع المخططات التنظيمية من قبل وزارتي المياه والبلديات وتم رصد مبالغ مالية على موازنة 2017 لإنجاز البنية التحتية ليصار الى توزيع الاراضي بعد ذلك على المواطنين وحسب الاسس المعتمدة في سلطة وادي الاردن.
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين لقد نال موضوع ارتفاع المديونيّة أقصى اهتمامكم من خلال كلمات السيدات والسادة النواب، والحكومة تدرك أنّ حجم الدين العام مرتفع، وأنّ نسبة إجمالي الدين العام إلى الناتج المحلّي الإجمالي تجاوزت حدود الدين الآمن، ووصلت إلى مستويات التحدّي الاستراتيجي الذي وصفناه بالعميق، وهي مخالفة واضحة لقانون الدين العام وإدارته، الذي حدّد السقف الأعلى لنسبة الدين العام بـ(60%). والحكومة إذ تدرك حجم هذا التحدّي، فإنّها تطلب فترة من الزمن لتنفيذ تعهّدها بإعادة مستويات الدين إلى النِسَبِ الآمنةِ، من خلال برنامجِ إصلاحٍ اقتصاديٍّ متوازِنٍ، أعدّته الحكومة وفق رؤيتها الإصلاحيّة، وبموجب الأولويّات الوطنيّة، وبإرادتها الحرّة، دون إملاء أو توجيه من أحدٍ، حسبما يظنّ البعض بحيث يحفزّ النمو الاقتصادي ويخفض من عجز الموازنة.
لقد حافظنا على استقرارنا الماليِّ والنقديِّ إلى حد كبير، وإنّ وصولَ نسبةِ الدينِ العامِّ إلى مستواها الحالي يشكِّلُ تحدّياً للماليّة العامّة، وبالتالي لا بد من معالجته، سيما وأنّ أحد أهمّ ركائز نموّ الاقتصاد هو استقرار الماليّة العامّة. وفي هذا الصدد، أودّ أن أؤكّد لكم بأنّ الحكومة، وبالتعاون مع مجلسكم الكريم، ستتخذ جميع الإجراءات التي من شأنها أن تسهم في تخفيض نسبة الدّين العام، والحدّ من عجز الموازنة، وسيُعرَض مشروع قانون الموازنة العامّة على مجلسكم الموقّر خلال أسابيع قليلة، ويتضمّن أدقّ التفاصيل حول تخفيضات النفقات العامّة التي ستلمسون جدّيتها.
إنّنا نؤمن بأنّ الإصلاح ينبع من الداخل، لذا فإنّ الحكومة عازمة على أن تبدأ بنفسها، من خلال العمل على وقف الهدر، وتخفيض النفقات، وترشيد الاستهلاك؛ وجميع هذه الخطوات كانت مطالب واضحة لكم. واستجابةً لها، أودّ أن أُعلِن أمامكم أنّ الحكومة قد أوقفت على الفور الإنفاقَ على شراء المركبات، أو استبدال الأثاث، وسنعمل على تخفيض مخصّصات السفر إلى حدٍّ كبير، بحيث سيقتصر فقط على الحالات الضروريّة، وبأقلّ الأعداد، وإن وجدتم عكس ذلك في الموازنة فحاسبونا عليه.
ولا شكّ أنّ الاستثمار يُعدُّ أحد أهمّ المقوّمات لإنعاش الاقتصاد، وقد أوردت الحكومة من خلال بيانها الوزاري خطواتها الجادّة لجذب الاستثمار وتشجيع المستثمرين، لكنّنا في الوقت ذاته، نؤكّد بأنّنا لن نقبل المستثمر الذي يطالبنا بمخالفة القوانين والأنظمة أو تجاوزها، بل نتطلّع إلى استقطاب المستثمرين الناجحين الذين يمارسون أعمالهم بكلّ كفاءة واقتدار، وبما يزيد من عوائد النموِّ وزيادة الإيرادات.
وأودُّ أن أُعلِنَ أمام مجلسكم الكريم، أنّ إجراءاتنا الاقتصاديّةِ وقراراتنا، وبرامج إصلاحنا واجبةٌ وضروريٌّة، وتصبُّ في الصالح الوطنيِّ، ولكنّنا سنراعي دائماً حماية الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، ولن تكون قراراتنا على حسابها. وترجمةً لذلك، قمنا بتقوية منظومة شبكة الأمان الاجتماعي التي سنخصّص لها حوالي 700 مليون دينار في مشروع قانون الموازنة العامّة لعام 2017 ، كما أنّنا سنستمر بدعم الخبز والسلع الأساسيّة، ولن نعمل على رفع أسعارها مطلقاً، وسنعمل في الوقت ذاته على اتخاذ الإجراءات الإداريّة والفنيّة لضبط الهدر في الدعم الذي يذهب لغير مستحقّيه، ولمتنفعين أصبحوا العائق الأكبر بوجه أيّ إصلاحٍ اقتصاديٍّ، وستجدون في الموازنة العامّةِ توجّهاً حقيقيّاً لذلك.
واما ما يتعلق برسوم نقل ملكية المركبات فستقوم الحكومة باعادة النظر في رسوم نقل السيارات التي يزيد عمرها عن عشر سنوات وكذلك المركبات الزراعية والانشائية استجابة لمطلب مجلسكم الكريم .
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين لقد تحدَّث غالبيّتكم عن قضيّة المناهج الدراسيّة، وقد أكّدت الحكومة من خلال بيانها الوزاري بأنّ عمليّة تطوير المناهج لن تمسّ القيم المجتمعيّة، ولا تستهدف الثوابت الوطنيّة والقوميّة، أو قيم الدين الحنيف؛ وقد دلّلنا على ذلك من خلال الردّ المباشر على كلّ الملاحظات التي أثيرت حول هذه القضيّة، وأعلنّا بكلّ وضوح التزام الحكومة بتوصيات اللجنة العلميّة المحايدة لمراجعة المناهج، والتي تشكّلت من علماء وذوات يُشار إليهم بالبنان، وقد خلُصَ تقرير اللجنة إلى أنّ الكتب والمناهج الدراسيّة منسجمة تماماً مع فلسفة التربية وأهدافها، التي تقوم على الفهم العميق للعقيدة الإسلاميّة، وتراعي ثوابت الوطن والأمّتين العربيّة والإسلاميّة.
ورغم ذلك، ستكون الحكومة منفتحة على الأخذ بالملاحظات الموضوعيّة التي قد تصلها، وترحب بقيام لجنة التربية في مجلسكم الكريم بمراجعتها، وسنعمل على دراستها بكامل الاهتمام، مع التأكيد على أنّ عمليّة تطوير المناهج هي خيار لا رجعة عنه، لخدمة أجيالنا، ولتطوير واقعنا التعليمي والمعرفي، والحفاظ على سمعة مؤسّساتنا التعليميّة، والنهوض بواقع مواردنا البشريّة.
ونؤكِّد أيضاً أنّ هذا الشأن الوطنيِّ والتربويِّ المهمّ لا يجب أن يخوضَ به غير العلماء والمختصّين، ولا يكون مدعاة للجدال السياسيِّ أو الخطابات الشعبويّةِ والمقارنات غير المدروسة، التي تعتمد على الكمّ لا النوع، في الحكم على المناهج، وفي هذا سقطة علميّة كبيرة؛ ومستقبل أبنائنا يجب أن يسمو على كلِّ ذلك. وتعتقد الحكومة أنّ هذا الأمر لابدَّ وأن يُعهَد به إلى جهةٍ أو هيئةٍ أو مركزٍ مستقلٍّ استقلالاً تامّاً عن السياسة ومؤسّساتها.. جهةٍ محايدةٍ يقوم عليها علماء، ونحن نمدُّ أيدينا إلى مجلسكم الكريم لاستثمار هذه اللحظة الوطنيّة والنقاش الدائر حول هذه القضيّة، كي نرشِّد النقاش ليستفيد منه الوطن، ولكي نعمل نبدأ بمأسسة عمليّة وضع وتطوير المناهج، بما ينأى بها عن السياسة وتجاذباتها.
وأمّا بخصوص امتحان الثانويّة العامّة، والفئة التي لم تتمكّن من اجتيازِ هذا الامتحان، والتي كانت محطّ تساؤل العديد من أعضاء مجلسكم الكريم، فقد اتخذت الحكومة قراراً بفتح برامج الدبلوم الفنّي، ولمدّة سنتين، بحيث يعادل دبلوم كليّة المجتمع في امتيازاته الماليّة، وسيقوم مجلس الخدمة المدنيّةِ بتعديل نظام الخدمة المدنيّة من أجل ذلك، كما ستقوم جامعة البلقاء التطبيقيّة باستحداث البرامج الفنيّة اللازمةِ في كليّاتها، لاستيعاب هذه الفئة من الشباب. وقد أكّدنا في البيان الوزاري أنّ فئة الشباب ستلقى الدعم والرعاية الكاملة، من خلال برامج تدعم توجّهاتهم وتطلّعاتهم، وتخدم مستقبلهم العلمي والثقافي والمعرفي، الذي ينعكس بالضرورة على واقعهم الاقتصادي والاجتماعي.
وفي إطار المساهمة في تطوير ودعم الجامعات الخاصّة، فستتعاون الحكومة معها من أجل استقطاب الطلبة الوافدين ، بما يساعد الجامعات على زيادة إيراداتها، وتطوير خدماتها، وبالتالي رفع سويّة العمليّة التعليميّة فيها. ونذكِّر المجلس الكريم ابتداءً بأنَّ التوسّع في هذه الجامعات كان الهدف منه استقطاب الطلبة الوافدين الباحثين عن العلم في جامعاتنا، ومن علمائنا، وضمن نظامنا التعليمي الجامعي، الذي يتمتّع بسمعة متقدِّمةٍ.
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين لقد أورد بعض النوّاب المحترمين ملاحظات حول اتفاقيّة استيراد الغاز المسال، التي أبرمتها شركة الكهرباء الوطنيّة مع شركة (نوبل إنيرجي) الأمريكيّة، ونحن بدورنا نقدّر هذه الملاحظات ونحترمها، وننظرُ إلى تباين الآراء حول هذا الملفّ بأنّه أمرٌ ديمقراطيٌّ صحيٌّ؛ لكنّنا في الوقت ذاته، ومن منطلق المسؤوليّةِ الوطنيّةِ التي حمّلنا إيّاها الدستور، ندركُ ونؤكِّدُ أنَّ نقص الطاقةِ يشكّلُ تحدّياً استراتيجيّاً كبيراً للأردنِّ، ولا بدّ من اتخاذ خطوات عمليّةٍ جريئةٍ ومدروسةٍ للتغلّب على المشاكل التي يواجهها هذا القطاع، حفاظاً على مصالحنا وتلبيةً لحاجاتنا. ونؤكّد أيضاً، ومن منطلق الصدق مع مجلسكم الموقّر، أنّ واجبنا في الحكومةِ أن لا نتردّدَ في اتخاذ القراراتِ التي تصبُّ في صالح الوطن، حتى وإن كانت غير شعبيّةٍ، ونعتقدُ أنّنا إن لم نفعل ذلك فيجب أن نُحاسَب. وحتّى لا نعرِّض قطاع الطاقةِ إلى خطرِ الانقطاعِ في الإمدادِ مرّةً أخرى، ونغامر بزيادةِ حجم المديونيّة والعجز، فقد وجدت الحكومة ضرورة أن تقوم بمعالجة هذا الخلل من خلال أربعة مرتكزات رئيسة، تشكِّل في مجملِها رؤيةَ الحكومةِ الاستراتيجيّةِ لهذا التحدّيِ، واولها التزود بمصادر الطاقة حيث ان التزود الان يتم منْ ميناءِ العقبةِ فقط، وهو وضع لا بد من معالجته بما يضمنُ عدم انقطاع موارد الطاقة تحت أيِّ ظرفٍ.
إنّ انقطاع الطاقة يعني التوقّف الكامل لحركة الحياة والاقتصاد، وبالتالي فإننا نسعى إلى ضمان استمرار هذا القطاع في العمل بكلّ كفاءة. وتؤكّد الحكومة مسؤوليّتها الكاملة أمام مجلسكم الكريم، وأمام الرأي العام الوطنيِّ عن ضمان استمرار تدفُّق الطاقةِ بأفضل فاعليّة، وبأقلّ سعرٍ ممكن، ولن نصل بحول الله، إلى انقطاعٍ كاملٍ أو جزئيٍّ للطاقة كما يحدثُ في عواصمَ وبلدانٍ شقيقةٍ.
إنّ الحكومةَ لن تغامر في حصر نقاط استيراد كامل موارد المملكة من الطاقة في كليو متر مربّع واحد في مدينة العقبة، الأمر الذي يُعرِّض أمن الطاقة إلى الخطر؛ في حال تعرض هذا الكيلو متر الى اي طارئ ، وعليه ستسعى الحكومة، ومن منطلق مسؤوليّاتها التي لن تتخلّى عنها، إلى ايجاد نقاط استيراد متعددة، وهي في هذا المجال تُجري مباحثاتٍ مع العراق الشقيق لإنشاء خطِّ نفطٍ يصل من البصرة إلى العقبة، الأمر الذي يعتمد على الأوضاع الأمنيّة في العراق الشقيق.
ويجري العمل حاليّاً على توفير إمكانيّة التزوّد بالغاز المسال من دول كالعراق والجزائر وقبرص، ومصر، وفلسطين، وغيرها من المصادر الأخرى، وقد سعت الحكومة وأجرت عدّة لقاءات واجتماعات لبحث استيراد الغاز الطبيعي المسال من دولتيّ قطر والجزائر الشقيقتين، لكنّنا لم نتمكن من الحصول على أيِّ عرض منافس حتّى هذه اللحظة؛ وفي حال تمّ التوصّل إلى اتفاقات مع الدول الشقيقة أو الصديقة فسنعلن عنها بمنتهى الشفافيّة والوضوح؛ لكن، ومن منطلق الشفافيّة والموضوعيّة التي تعهّدنا بها لمجلسكم الكريم، فإنّنا نعلن أنّنا وإلى الآن لم نحصل على عروض لاستيراد الغاز من دول أخرى، والحديث بغير ذلك ليس صحيحاً.
وعليه قامت شركة الكهرباء الوطنيّة بأخذ موافقة الحكومة على إبرام اتفاقيّة مع شركة (نوبل إنيرجي) لاستيراد الغاز المسال، كجزء من استراتيجيّة أمن التزوّد من نقاط دخول متعدّدة، والحصول على طاقة أقلّ كلفةً من أسعارِها العالميّةِ، ومن خلال أنابيبِ توفِّر من كلفة استيراده عبر البواخر. وقد قامت شركة الكهرباء الوطنيّة بالإعلان عن تفاصيل الاتفاقيّة بكلّ شفافيّة ووضوح، ومن خلال بيانات نُشِرت رسميّاً عبرَ وسائلِ الإعلامِ؛ علماً بأنّ هذه الاتفاقيّة جاءت لخدمة مصالحنا الوطنيّة، وحاجاتنا الملحّة للطاقة، في ضوء انحسار مصادرها، وصعوبة توفّرها، وانعدام الأمن لدى بعض المصادر.
وأودُّ التأكيد هنا، أنّ شراء الغاز من شركة (نوبل إنيرجي) يتمّ دون أيّ وسيط، وداخل الحدود الأردنيّة، لا خارجها، ما يعني أنّنا لا نتحمّل أيّة مخاطر قد تترتّب على عمليّة النقل أو التزويد، وبالتالي نضمن أمن مصادر التزويد، وتقليل الكلف الماليّة التي سندفعها لقاء وصول الغاز إلينا عبر البواخر؛ علماً بأنّ استيراد الغاز من هذا المصدر تحديداً لا يلغي حق الاردن في الاستمرار بالاستيراد عبر العقبة ولا يمنع في حال انقطاعه – وهذا مستبعد لوجود شروط تعاقدية – من الاستيراد من اي جهة كانت، وهو ايضا يحقّق وفراً ماليّاً لخزينة الدولة يتجاوز مقداره (300) مليون دولار أمريكي سنوياً عند أسعار النفط العالميّة الحالية، ويزداد حجم هذا الوفر بشكل كبير في حال ارتفعت أسعار خام برنت، مما يسهم في تخفيض فاتورة الطاقة الكهربائيّة السنويّة على شركة الكهرباء الوطنيّة، والذي ينعكس بدوره على تعرفة بيع الكهرباء للمستهلك.
أعود للتأكيد بأنّ اتفاقيّة الغاز مع شركة (نوبل إنيرجي) ما هي إلّا واحدة من ضمن خيارات عديدة، نسعى من خلالها إلى تنويع مصادرنا وخياراتنا، بما يضمن عدم تعرّض اقتصادنا الوطنيّ لهزّات عنيفة بحجم الهزّات السابقة التي ما زلنا نلمس آثارها بوضوح، وهذه الاتفاقيّة لن ترهن اقتصادنا الوطنيّ لصالح أيِّ جهة، فهي تشكِّل فقط ما نسبته (40%) من حاجتنا للغاز الذي هو أحد مكوّنات خليط الطّاقة لدينا وبذلك فهو يشكل ما نسبته 17 % من الطاقة الكلية ، وليس من كامل احتياجاتنا كما يظنّ البعض.
اما ما يتعلق بذهاب البعض الى وجوب شمول هذه الاتفاقية باحكام المادة 33 من الدستور فاني اود أن أشير هنا إلى القرار التفسيري رقم (1) لسنة 1962م، المنشور في العدد رقم (1609) من الجريدة الرسميّة بتاريخ 10/4/1962م ، والذي يعتبر قاعدة تكميلية تلحق بالدستور، حيثُ ينصُّ هذا القرار على أنّ الاتفاقات الماليّة التي تبرمها الدولة مع أيِّ شخصٍ طبيعيٍّ أو معنويٍّ كالبنوك والشركات مثلاً، غير مشمولة بأحكام المادّة (33) من الدستور، ولا يحتاج نفاذها إلى موافقة مجلس الأمّة ولو كان الامر كذلك لطلبت الحكومة موافقة مجلس الامة على اتفاقية شركة الكهرباء مع شركة شل المورد الحالي للغاز من مصادر مختلفة من العالم الى العقبة التي وقعَتْ عام 2015، اضف الى ذلك فإن هذه الاتفاقيّات لا تحمِّل خزانة الدولة شيئاً من النفقات. وممّا يؤيّد هذا الرأي وجود دساتير أجنبيّة تشتمل على نصٍّ مماثل للمادّة (33) من الدستور، لكنّها لا تتطلّب موافقة برلماناتها على مثل هذه الاتفاقيّات.
وتساءل بعض السيّدات والسادة النوّاب، عن أسباب عدم التوسّع في مشروعات الطّاقة المتجدّدة، وهنا أودُّ التأكيد بأنَّ الحكومةَ لن تدّخر جهداً في استكمال مشروعات الطاقة المتجدّدة، كالتوسّع في استغلال الطاقة الشمسيّة، ولكن، يجب الاعتراف بأنّ هناك محدّدات فنيّة على ما يمكن استغلاله من الطاقة المتجددة تتعلَّقُ بسعةِ الشبكةِ الكهربائيَّة، اضافة الى كلف تخزين الطاقة المولِّدةِ التي لا تزال مرتفعةً جدّاً في الأسواقِ العالميَّةِ، وفي هذا السياقِ فإنَّ شركةَ الكهرباءِ الأردنيَّةِ طرحتْ عطاءً لتوسيعِ شبكةِ الكهرباءِ يبدأ تنفيذه مطلع العام المقبل ليتمكن من نقل ما يتم توليده من طاقة اضافية بما يمكن الاردن من زيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة، ومضاعفة الطّاقة الاستيعابيّةِ. ومن هنا نُعلِنُ أنَّ الحكومةَ، وقبل نهاية العام، ستطرحُ جولةً تنافسيَّةً ثالثةً من عروض الطّاقةِ الشمسيّةِ والرياح، ضمن استراتيجيّةِ تنويع مصادرِ التوليدِ، علماً بأنّ الأردنَّ يُعدُّ من أسرعِ الدولِ في مجال التوسُّعِ بمجال الطاقة المتجدِّدةِ، التي هي جزءٌ أساسيٌّ من خليط الطاقة الوطني، وتبلغ نسبة الاعتماد عليها نحو (8%).
وستمضي الحكومة أيضاً بتنفيذ مشروع الطاقة النوويّة، إلى جانب مشروع الصخر الزيتي، فالحكومة تقوم حاليّاً بتقديم الدعم إلى الشركات التي تحاول الوصول إلى الإقفال المالي (أي الحصول على التمويل)، تمهيداً لتنفيذ المشروع. كما سنستمرُّ في تطوير حقول إنتاج الغاز الطبيعي، والتنقيب عن النفط، وقد تمّ تقسيم المملكة إلى عدّة مناطق استكشافيّة، ويتم الترويج لها باستمرار، لكن، ومن منطلق الشفافيّة أيضاً، فإنّنا وحتّى هذه اللحظة، لم نعثر على كميّات نفطٍ ولا غاز لأغراض تجاريّة، أو بما يلبّي حاجاتنا بالكامل؛ وإنّ وُجِدت في المستقبل ففي ذلك خيرٌ كثير سنحتفل به، ونعلنه على الملأ، ولن نخفيه كما يعتقد البعض ممّن يصفون أنفسهم خبراءَ في مجال الطاقة.
سيّدي الرئيس حضرات النوّاب المحترمين إنّ الحكومة تؤكِّدُ التزامها المطلق بقيم العدالة والنزاهة والمساواة، وإحقاق مبدأ تكافؤ الفرص، وإعلاء شأن سيادة القانون، التي تناولتها خطابات السيّدات والسادة النوّاب، والتي أكّدت عليها الورقة النقاشيّة السادسة التي طرحها مولاي صاحب الجلالة، وتعهّدت الحكومة بتطبيق مضامينها. وفي هذا الصدد، أودُّ التشديد على أنّ الحكومة لن تسمح مطلقاً المساس بهذه القيم، وستعمل على تكريسها كنهجٍ في جميع مؤسّسات الدولة، وستحاسب كلّ من يخلّ بها، وستقوم بمحاربة الواسطة والمحسوبيّة باعتبارها آفة مجتمعيّة، تُخلُّ بقيم العدالة التي هي اللبِنةُ الأساس في نهوض المجتمعات وتقدّمها. مع التأكيد على أنّ الموظَّفَ العامَّ هو خادمٌ للمواطنين، وأنَّ من تسوِّل له نفسه الاعتداء على المال العام أو الصالح العام، عن طريق الواسطة أو المحسوبيّة، إنّما يتطاول على جيب ومستقبل كلِّ أردني، ومن يتّبع سبل الواسطة والمحسوبيّة فإنّه عدوٌ للوطن وأبنائه، ومرتكِبٌ للإثم، وآخذ لحقّ غيره.
ومن هنا فان وجدّتم منّا قراراً جرى اتخاذه على اعتبارات جهويّة، أو بناء على معايير غير الجدارة والكفاءة والشفافيّة، فإنّنا مدانون أمامكم وأمام الرأي العام، ولا نستحقُّ أن نكون بمواقعنا. وبحول الله فإنّنا لم نفعلها، ولن نفعلها، لإيماننا المطلق بأنّ الأردنُّ وأهله وكفاءاته أعظم وأسمى من أن تطالهم المحسوبيّة، أو انتفاء العدالة.
وفي هذا الصدد، أودُّ أن أعيد التأكيد بأنّ هذه الحكومة لا ترتجل القرارات، بل تتوخى الدقَّةَ والالتزام الكامل والمطلق بأحكام الدستور والقانون، وقد وردَ خلال مناقشاتِ مجلسكم الكريم أسئلة عن استحداث حقيبة وزيرِ دولةٍ للشؤونِ الخارجيّةِ، وأودُّ التأكيد أنّ هذا التعيين جرى لاعتباراتٍ موضوعيّةٍ، تتعلق بتشعُّبِ مهام وزارة الخارجيّةِ من نشاطات وجهود دولية من ناحية، وادارة جهاز الوزارة لمساندة هذه الجهود من ناحية اخرى الامر الذي استدعى تعيين وزير دولة للشؤون الخارجية، وقد تمَّ تعديلُ نظامَ السلكِ الدبلوماسيِّ الأردنيِّ، ونظام التنظيمِ الإداريِّ لوزارةِ الخارجيَّةِ بإضافةِ مادّةٍ تنيطُ برئيسِ الوزراءِ تحديدَ اختصاصاتِ ومهامِّ وزيرِ الدَّولةِ للشؤونِ الخارجيّةِ بتعليماتٍ يُصدِرُها لهذهِ الغايةِ، وقد تمَّ نشرُ تعديلِ النظامين في الجريدةِ الرسميّةِ بعد توشيحهِمَا بالإرادةِ الملكيّةِ الساميةِ مطلعَ الشهرِ الجاري؛ وبعد ذلكَ، صدرتْ التعليماتُ التي تحدِّدُ مهامَّ واختصاصاتِ وزيرِ الدَّولةِ للشؤونِ الخارجيّةِ، مع الإشارةِ الواجبةِ إلى أنَّ الفقرةَ الثانيةَ من المادةِ (45) من الدستورِ تنصُّ على أنّهُ “تعيّنُ صلاحيّاتُ رئيسِ الوزراءِ والوزراءِ ومجلسِ الوزراءِ بأنظمةٍ يضعُها مجلسُ الوزراءِ ويصدِّقُ عليها الملكُ”.
أمّا فيما يتعلّق بملاحظات بعض النوّاب الأفاضل حول وجود تعيينات مخالِفة للأنظمة والتعليمات، فإنّني أؤكِّد لكم عدم دقّة ما يتمّ تداوله حول هذا الأمر، وأؤكِّدُ لكم أيضاً، نزاهة جميع الإجراءات المتَّخذة في هذا الشأن، فقد أجازَت المادّة (10) من نظامُ التعيين على الوظائف القياديّة لسنة 2013م، لمجلس الوزراء في حالات محددة وخاصة تقتضيها الضرورة، ولوظائف ذات طبيعة خاصّة، التعيين بقرار منه، بناء على تنسيب مباشر من المرجع المختصِّ. وهؤلاءِ بالمناسبة، ليسوا من أقاربنا أو أنسبائنا، ولا تربطنا بهم أيَّ صلةِ قُربى أو صداقة، وقد مارس مجلس الوزراءِ حقَّه الدستوري والقانوني في هذا الأمر دون إخلال .
أمّا ما يخصُّ مكافآت مجالس إدارات الشركاتِ التي تملكها الحكومة، أو تساهم فيها، فإن الحكومة تقوم منذ اكثر من اسبوعين بإعادةِ النظرِ في مهامِّ هذه المجالسِ وطرق عملها، وحجم المكافآت التي تُدفَعُ إلى أعضائها، من خلال آليَّةٍ تضمنُ زيادةَ فعاليّةِ هذه المجالس وضبط نفقاتها. وفيما يتعلّق بتخصيص وزير واحد لحقيبتيّ الاتصالات وتطوير القطاع العام، فثمّة سببٌ وجيهٌ ومدروسٌ لذلك، حيث ان الفترة السابقة لم تجد التعاون المطلوب بين الوزارتين الامر الذي ادى الى تعثر مشاريع تطوير اجراءات تقديم الخدمة للمواطنين، وعليه فإن الدمج بات ضرورة لإنجاز الأتمتة في هذه الخدمات، تطبيقا لبرامج الحكومة الإلكترونيّة التي تهدف الى التوسّع في الاعتماد على التقنيّات الحديثة في تقديم الخدمات. وفيما يتعلق بموقف الحكومة من مطالبات ابناء قطاع غزة فان الحكومة تنظر بعدالة لمطالب ابناء قطاع غزة ، والاستمرار في ما تم سابقا من اجراءات تسهل عليهم سبل الحياة الكريمة، وسيتم تفعيل اللجنة الوزارية للارقام الوطنية بالمهام التي كلفت بها .
وفيما ورد ان الحكومة قد مارست الضغط على مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني ” بلدية الفحيص”، فان الحكومة قد قامت على العكس من ذلك تماما ، حيث مارست الضغط على شركة لافارج لصالح البلدية ، وبناء على طلب سعادة النائب المحترم والبلدية، وتم اصدار الكتاب الذي اشير اليه استجابة لهما.
سيّدي الرئيس السيّدات والسّادة أعضاء مجلس النوّاب ان الحكومة تولي مكافحة المخدرات أهمية قصوى (اتجارا وترويجا وتعاطيا)، لما تمثله من خطر على حاضر المجتمع وأمنه ومستقبله، وانعكاساته على نسبة الجريمة بمفهومها الواسع؛ فعلى صعيد التوعية، تم تكثيف الأنشطة التوعوية في المدارس والجامعات ومختلف شرائح المجتمع بهذا الخطر الداهم، حتى بلغت (5261) نشاطا هذا العام مقارنة بـ (3731) العام السابق، وقد أثمرت هذه الجهود التوعوية في زيادة عدد المتقدمين ذاتيا للعلاج، إذ تمت معالجة (1267) حالة إدمان هذا العام، مقارنة ب(996) العام الماضي.
وعلى صعيد المكافحة والضبط، اسهمت الجهود في ضبط كثير من المروجين والمتعاطين والتجار، وتم استحداث أقسام وفروع جديدة، من بينها فرع المتابعة والرصد الالكتروني، لمتابعة التجار والمروجين والمتعاطين، لضمان تحقيق أهداف ملاحقتهم بدقة ونجاح، وبلغ العدد الكلي لقضايا المخدرات المضبوطة هدا العام( 12245) قضية، منها (1696 ) حالة اتجار و(10549) قضية حيازة. بينما بلغ عدد الاشخاص المضبوطين هذا العام (17729) شخصا. وتشير الاحصائيات إلى ارتفاع في نسبة ضبط قضايا المخدرات هذا العام، وفي نسبة ضبط قضايا الاتجار، إلى (5ر32)% عنها في العام الماضي، وارتفاع المضبوطين المتورطين بقضايا الاتجار بنسبة (41)% عنها في العام الماضي.
هذا وقد تم تغليظ العقوبات في ( قانون المخدرات والمؤثرات العقلية المعدل لسنة 2016) وتضمينه عقوبات مغلظة على المروجين وإدخال نصوص تجرّم التعامل بالمؤثرات العقلية الأخرى أياً كانت، وذلك للسيطرة على تصنيع (الجوكر، واشباهه) وعلى ترويجه وتعاطيه. والحمد لله، وبتوفيق من الله، وبهمة الأجهزة المعنية، انخفض عدد جرائم المخدرات عام 2016 عنه عام 2015 بنسبة (8ر21)%. وعلى الرغم من هذه الخطى المتقدمة، فالحكومة مستمرة في إيلاء مكافحة هذا الخطر الأهمية القصوى، ولن تتهاون في سبيل محاصرة هذه الآفة الخطيرة على أبنائنا وأمن مجتمعنا.
سيّدي الرئيس السيّدات والسّادة أعضاء مجلس النوّاب إنّ واجب الحكومة أن تعمل لتحقيق رؤى وتطلّعات أبناء الوطن، والوقوف عند مطالبهم واحتياجاتهم، وتلبيتها ما أمكن؛ فلا يمكن لأيّ حكومة أن تفكِّر بالتضييق على المواطنين، أو المساس بمستوى معيشتهم، أو أن تكون عبئاً عليهم؛ فنحن وُلِدنا من رحم هذا الوطن، ومن عامّة أبنائه، وقد شرّفنا مولاي سيّد البلاد بأن اختارنا لنكون خدماً للمواطنين؛ وإنّنا إذ نفخر بهذا التكليف السامي، فإنّنا نتعهّد بأن نعمل بكلّ عزيمة وإخلاص، وبالشراكة والتكامل مع مجلسكم الكريم، لنكون عند حسن الظنّ بنا.
إنَّ الحكومة، وهي ملتزمة بما جاء في مضمون بيانها الوزاري قد قدمت بيانها الوزاري في موعده الدستوري بحسب نص الفقرة الخامسة من المادة 53 والتي تنص على “اذا كان مجلس النواب منحلا فعلى الوزارة ان تتقدم ببيانها الوزاري وان تطلب الثقة على ذلك البيان خلال شهر من تاريخ اجتماع المجلس الجديد” ، وهذا ما فعلته الحكومة بالضبط . وان الحكومة سيدي الرئيس ومن مبدأ الشراكة الحقيقيّة مع مجلسكم الكريم، ملتزمة بإيلاء جميع ملاحظاتكم ونقاشاتكم، سواءً المتعلِّقة بالشأن الوطني أو تلك المتعلّقة بدوائركم الانتخابيّة بجميع تفصيلاتها، الاهتمام الكبير الذي تستحقّ، وتلبية الممكن من مطالبكم ومقترحاتكم، فجميعنا نسعى إلى هدف واحد، ألا وهو خدمة الوطن وأبنائه.
وفي إطار الاستجابة لاستفسارات عدد من النواب المحترمين حول برنامج الحكومة للعام القادم، فأرجو أنْ أؤكدَ لمجلسكم الكريم أنّ برنامجَ الحكومة لتنفيذ التزاماتها وفق ما جاء في بيانها سوف تأتي عليه من خلال مشروع الموازنة العامة للحكومة الذي سوف يقدم لكم خلال أسابيع.
وإنّني إذ أقف أمامكم، وزملائي أعضاء الفريق الوزاري، ننشدكم الثقة، فإنّنا نعاهد الله، بأن نعمل معكم يداً بيدٍ، من أجل الوطن وأبنائه، وبروح التكامل والشراكة الحقيقيّة، كما أراد لنا مولاي صاحب الجلالة الهاشميّة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظّم حفظه الله ورعاه؛ ضارعين إلى المولى، عزَّ وجلّ، أن يعيننا وإيّاكم على حمل هذه المسؤوليّة، إنّه نِعم المولى ونعم النصير.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته