يؤكد خبراء المناهج بأن المناهج لا تُستورد، بل ما يستورد هو الكتب المدرسية وبعد أن يُنزع دسمها الذي يلفها حيث البلد الذي جاءت منه، فمحتوى الكتب المدرسية يتشرب ويحمل ثقافة بلد المنشأ بما فيه بيئتها وناسها، أما المناهج فهي حاضنة تنظيمية وعمليات، أي أن النظام التربوي والتعليم للأردن مثلاً يتشكَّل على الحاضنة المجتمعية لهذا النظام ويؤثر ويتأثر بخصائص أفرادها وعقائدهم وموروثهم الثقافي، وأن العمليات التي تتم على أرض النظام التربوي والتعليم والتي تقوم على التفاعل بين مكوناته الأساسية ومدخلاته من موارد بشرية وتشريعات وبيئات تعلم وطلاب ومجتمع محلي يزدحم بالخصوصية الثقافية التي تُشكل معالم هويته الجامعة، ولهذا تعتبر الأرض التي ينشأ عليها النظام التربوي والتعليمي أرض خاصة لا ينبت فيه إلا ما يتوافق معها ويُنتسب إليها، وأن أي ثقافة أجنبية عنه لا تتماهى معه ولا تندمج فيه مهما طالت الأيام ومهما تدخلت الأسباب.
ومن جانب آخر فإن العملية بكاملها التي هي تأليف جديد أو نقل وتكييف لا تتعدى النقل لمحتوى أكاديمي بحت، يُنزع منه ما علق به من ثقافة بلده، بمعنى تعشيبه وتنظيفه مما يحمله من قيم وموروث ثقافي للبلد التي أُخذ منها، ليصبح بعد غسله وتعقيمه جاهزاً للزراعة وقابلاً للإنبات والنمو كما يراد له أن ينمو ويتطور.
لهذا علينا أن نتأكد من أن المناهج لا تُستورد، حتى إن أراد أصحاب القرار ذلك فلن تنجح أو تنبت في أرض وثقافة غريبة عنها، وإن نمت برعاية خاصة وفائقة ستبقى هجينة ضعيفة يشار إليها بالغربة والتفرد العصي على الإندماج، ومن جهة أخرى ما الداعي لذلك، فالنقل والإستيراد للمادة العلمية كافٍ باعتبار أن هذه العلوم أي كان تخصصها هي مُلك عام للإنسانية جميعاً، وليست الملكية الفكرية إلا لما انتظم فيها بمخطوط مجموع بحق خاص، وفي هذه الحالة يُشترى وتجري عليه العمليات المطلوبة ليعيش سليماً في الأرض الجديدة بلباس أهلها وخصائصهم وموروثهم الثقافي.