تضامن : الفقر يحرم النساء من التمتع بحقوقهن ويعرضهن لإنتهاكات جسيمة مما يرسخ ظاهرة ‘تأنيث الفقر’
عمون – يحتفل العالم اليوم باليوم الدولي للقضاء على الفقر الذي يصادف الـ 17 من أكتوبر من كل عام، وقد أشارت منظمة الأمم المتحدة الى أن موضوع هذا العام يحمل شعار ‘الالتقاء بمن تخلفوا عن الركب كثيراً لبناء عالم شامل ينعم بالاحترام العالمي لحقوق الإنسان وكرامته’، مؤكدة على العلاقة الأصيلة بين الفقر المدقع وحقوق الإنسان، وتعرض الفقراء والفقيرات بنسب كبيرة لإنتهاكات حقوق الإنسان..
وتشير جمعية معهد تضامن النساء الأردني ‘تضامن’ الى أن النساء الفقيرات في الأردن يعانين من مشاكل عدة، ويحرمهن من التمتع بحقوقهن، فيما تترسخ ظاهرة ‘تأنيث الفقر’ بشكل أوسع. فمثلاً المحكومات بالإعدام يحرمن من تخفيض العقوبة عنهن بسبب فقرهن وعدم قدرتهن المالية لإجراء صلح عشائري لإسقاط الحق الشخصي، والراغبات منهن في خلع (إفتداء) أزواجهن يسقطن أكثر من نصف القضايا بسبب عدم قدرتهن المالية على دفع مهورهن دفعة واحدة وفقاً للقانون.
الفقر أعظم تحدي عالمي وأرقامه مفزعة ومرعبه
وتؤكد ‘تضامن’ أيضاً على أنه وبالرغم من الجهود الدولية والإقليمية والمحلية الرامية الى مكافحة الفقر بإعتباره أهم وأعظم تحدي عالمي ، وعلى الرغم من عدم توفر إحصائيات دقيقة تفصل وتوضح أعداد الفقراء والفقيرات في معظم الدول إلا أن ما توفر من أرقام لا زال مفزعاً ومرعباً تستوجب الوقوف ملياً وطويلاً وإعادة النظر في بعض سياسات وبرامج القضاء على الفقر لتأخذ بعين الإعتبار عوامل عديدة ومن بينها العلاقة الوطيدة ما بين عمل النساء والنمو الإقتصادي.
وتشير ‘تضامن’ الى وجود مليار ومائتي فقير / فقيرة حول العالم يعيشون / يعشن على أقل من دولار واحد في اليوم ، لكن الحقيقة هي أن النساء يشكلن أغلب هؤلاء الفقراء ممن يعشن في فقر مدقع ، والعمل غير مدفوع الأجر حول العالم تقوم به النساء وهو ما يوازي 11 تريليون دولار أي 50% من الناتج الإجمالي العالمي ، وأن كل 77 سنت من أجور عمل النساء يقابله دولار للرجال مما يعزز التفاوت في الأجور وعدم المساواة.
وفي الدول العربية تشكل النساء ما نسبته 28% من القوى العاملة ، وتقل أجورهن على المستوى العالمي بنسبة 17% عن الأجور التي يتلقاها الرجال ، وفي بعض المناطق تشكل النساء العاملات ما نسبته 70% من العمل في الزراعة ينتجن 90% من الغذاء ، وإذا كانت المسافة ما بين الأرض والقمر 394.400 كيلومتر فإن النساء الجنوب إفريقيات يمشين 16 ضعف المسافة يومياً لتأمين الإحتياجات المنزلية من المياة.
النساء أول من يضحين بحصتهن من الطعام لصالح باقي أفراد الأسرة
إن تمكين النساء جزءاً هاماً في مجال الحد من هدر الغذاء وفقدانه ، حيث تشير الحقائق الى أن (79%) من النساء الناشطات إقتصادياً يقضين ساعات عملهن في إنتاج الغذاء ، وإن توفير المزيد من الموارد للمزارعات يسهم في خفض عدد الجوعى في العالم بمقدار (100-150) مليون نسمة ، وإن (85-90%) من الوقت المخصص لإعداد الطعام في المنازل هو من وقت النساء أنفسهن ، وعند الضرورة فإن النساء أول من يضحين بحصتهن من الطعام لصالح باقي أفراد الأسرة ، كما وتؤكد الأبحاث على أنه عندما تكون النساء هن من يحصلن على دخل الأسر فإن ذلك يحسن من صحة الأطفال وتغذيتهم.
وتضيف ‘تضامن’ الى أن النساء يشكلن المفتاح الأساسي للحل وحلقة الوصل ما بين مكافحة الجوع وإنتاج الغذاء وعدم تبذير الطعام ، من خلال العمل على الحد من الفقر والجوع وسوء التغذية بين النساء ، وتمكينهن إقتصادياً خاصة الريفيات منهن واللاتي يعملن في إنتاج الطعام ، وتملكهن للموارد ووصولهن للخدمات المختلفة ، وزيادة التوعية بضرورة عدم الإسراف في الطعام.
ثلثي فقراء العالم من النساء
إن ثلثي فقراء العالم هم من النساء ، وأن عدد النساء الريفيات الفقيرات فقراً شديداً في إرتفاع مستمر وصل الى (50%) خلال العقدين الأخيرين ، في حين إزدادت نسبتهن لتصل الى (65%) في بعض البلدان العربية. وهذا يؤكد على أن ظاهرة ‘تأنيث الفقر’ والتي تعني فرص أقل للنساء وعدم تكافؤ في فرص التعليم والعمل وملكية الأصول ، هي ظاهرة منتشرة في مختلف دول العالم وفي إزدياد مضطرد.
وتؤكد ‘تضامن’ من جديد على أن حماية النساء من العنف والتمييز سواء داخل الأسرة أو خارجها ، وعدم الحرمان من التعليم ، وتمكنهن من تملك الأراضي والعقارات والموارد المالية وضمان وصولهن لها ، وعدم حرمانهن من الحصول على حقهن في الميراث ، ما هي إلا أساسيات لتمكين النساء الفقيرات خاصة الريفيات منهن للتمتع بمستقبل أفضل لهن ولأسرهن ، وليشاركن في تحقيق تنمية مستدامة في مجتمعاتهن ، فلا يعقل أن تكون النساء هن من يغذين العالم ولكنهن الأكثر جوعاً وفقراً.
وتعتقد ‘تضامن’ بأن الإستثمار في الشباب للقضاء على الفقر بشكل خاص يستدعي الإستثمار بالشابات الأردنيات على وجه الخصوص وزيادة مشاركتهن الاقتصادية من خلال الوقوف على الأسباب الحقيقية الكامنة وراء خروجهن المبكر من سوق العمل وتذليل كافة العقبات التي تعترضهن. فكيف يمكن للشابات المساهمة في القضاء على الفقر دون أن تكون لهن مشاركة حقيقية وملموسة تخرجهن هن أنفسهن من اخطار الفقر.
إحتمال أن تصبح النساء المسنات فقيرات تزيد بنسبة 70% عن الرجال المسنين
وتشير ‘تضامن’ أيضاً لدراسات وتقديرات أخرى تؤكد على أن إحتمالات أن تصبح النساء المسنات فقيرات تزيد بنسبة 70% عن الرجال المسنين ، وتشكل الطفلات ثلثي الأطفال المحرمون من التعليم الإبتدائي ، و75% من 876 مليون أمي حول العالم هم من النساء ، وأن النساء يشكلن 70% من فقراء العالم ، وفي أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وجنوب آسيا نجد من بين كل عشر عاملات أن هنالك ثمانية عاملات يعشن تحت خطر فقدان وظائفهن بسبب الأزمات الإقتصادية. وبسبب الفقر وعدم وجود عناية طبية أو تغذية تموت إمرأة واحدة أثناء الولادة كل دقيقة ، وأن 7 من كل 10 جياع هم من النساء والفتيات.
62% من النساء الفقيرات أرامل
وفي الأردن فقد أظهرت دراسة ‘فقر المرأة في الأردن – الخصائص والعمليات المولدة له’ والتي أجريت عام 2009 من قبل اللجنة الوطنية الأردنية لشؤون المرأة والهيئة التنسيقية للتكافل الإجتماعي ، أن 62% من النساء الفقيرات هن من الأرامل ، وأن 96% منهن لم يتلقين التعليم العالي ، وبلغت نسبة الأسر الفقيرة التي ترأسها نساء بسبب وفاة المعيل 30.5% وبسبب غيابه 14.1%. كما أشارت الدراسة الى أن دخل الأسرة الفقيرة في الأردن لا يتجاوز 114.7 دينار شهرياً ، وأن 84.7% من الأسر تعتمد إعتماداً كلياً على المعونة الوطنية.
نسبة الذين يعيشون تحت خط الفقر في الأردن 14.4% (16.8% في الريف و 13.9% في الحضر)
أصدرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة العام الماضي تقريراً إقليمياً حول إنعدام الأمن الغذائي حمل عنوان ‘الشرق الأدنى وشمال إفريقيا: نظرة إقليمية عامة حول إنعدام الأمن الغذائي – الإدارة المستدامة للمياة في الزراعة شرط أساسي للقضاء على الجوع والتكيف مع التغير المناخي’. وأشارت المنظمة الى أن هذا التقرير جاء متزامناً مع تبني أهداف التنمية المستدامة الـ 17، الى جانب إتفاقية مكافحة التغير المناخي التي تم التوصل اليها في الدورة 21 لمؤتمر الدول الأطراف الذي عقد في باريس.
وفيما يتعلق بالأردن، فقد أشار التقرير الى أن نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر 14.4% (16.8 في المناطق الريفية و 13.9% في المناطق الحضرية)، وأن الأردن بدأ في إحداث تحولات في برامج الدعم بهدف إيجاد أنظمة حماية إجتماعية أفضل والإبتعاد عن برامج الدعم الشاملة وإستبدالها بأدوات مصممة بشكل جيد والتي تعتبر الى حد كبير آداة أكثر كفاءة في مكافحة الفقر.
وتضيف ‘تضامن’ بأن التقرير إعتبر إستضافة اللاجئين السوريين سبباً في ظهور تحديات إجتماعية مختلفة أثرت على خطة الإستجابة الأردنية للأزمة السورية وإنعكس على إستراتيجيات الحماية الاجتماعية خاصة نقص عنصر الأمن الغذائي بإعتباره مكوناً أساسياً في إطار تصميمها ونتائجها.
الأسر التي ترأسها الإناث أكثر فقراً من الأسر التي يرأسها الذكور
ومحلياً، ووفقاً لمسح نفقات ودخل الأسرة 2013، علماً بأن هذا المسح هو الأخير المتوفر، فيما بدأت دائرة الإحصاءات العامة في تنفيذ مسح جديد بداية شهر شباط 2017، فإن 14.6% من الأسر التي ترأسها نساء في الأردن يقل دخلها السنوي عن 3 آلاف دينار مقابل 2.9% من الأسر التي يرأسها الذكور.
كما أن 92556 شخصاً يقل الدخل السنوي لأسرهم عن 1800 دينار سنوياً منهم 54276 أنثى، و 122431 شخصاً يقل الدخل السنوي لأسرهم عن 2400 دينار منهم 66656 أنثى.
وتنوه ‘تضامن’ ووفقاً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن في الأردن لعام 2015، فإن عدد الأسر بلغ مليون و 941.903 ألف أسرة مع إستثناء حوالي 15.576 ألف أسرة لم تكتمل بياناتها، ترأس الذكور مليون و 692.662 ألف أسرة، فيما ترأست الإناث 249.241 ألف أسرة وبنسبة وصلت الى 12.8%.
أما بخصوص الحالة الزواجية للنساء اللاتي يرأسن أسرهن، فإن 45.4% من الأسر ترأسها نساء أرامل وبعدد 113317 أسرة، و 35.9% من الأسر ترأسها نساء متزوجات وبعدد 89468 أسرة، و 10.6% من الأسر ترأسها نساء عزباوات وبعدد 26494 أسرة، و 6.8% من الأسر ترأسها نساء مطلقات وبعدد 17113 أسرة، فيما ترأس النساء المنفصلات 2777 أسرة.