حديث الانتخابات..في الطريق إلى مجلس النواب الثامن عشر
جميل وحضاري هذا النقاش الدائر في الفضاء الوطني حول مجريات وآليات الاستحقاق الأردني الكبير الذي سيصل ذروته يوم الثلاثاء 20/9/2016، بفتح صناديق الاقتراع أمام الأردنيين والأردنيات، لمنح تفويضهم لمائة وثلاثين نائباً ذكوراً واناثاً وفق قانون انتخاب جديد، طوى صفحة قانون الصوت الواحد، وأخذ في الاعتبار مبادئ العدالة والمساواة وصحة التمثيل وجدية العمل البرلماني وركّز على مركزية المشاركة الشعبية وفق ضمانات قانونية ودستورية صارمة، لا تقبل التأويل او الاجتهاد في شأن نزاهة الانتخابات وشفافيتها وحيدة الهيئة المستقلة للانتخاب وعدم السماح لأي جهة مهما كانت بالتدخل في العملية الانتخابية من ألفها إلى يائها، إلاّ في اطار القوانين والأنظمة الناظمة للعملية الانتخابية التي تبت فيها المحاكم وليس أحد غيرها..
من هنا، بدا النقاش (حتى لا نقول السجال) الذي دار بين «مستقلة الانتخاب» وجمعية معهد تضامن النساء الأردني «تضامن» في شأن أحقية وصحة تفسير كلمتي أتمّ وبلغ والذي يدور حول من هم في سن السابعة عشرة وعددهم على ما قالت الهيئة يصل إلى (175 ألف مواطن)، صحياً وحضارياً ومطلوباً، ليس فقط في انه حق أساس من حرية التعبير وإنما أيضاً في أنه يكشف للأردنيين وجهات النظر إزاء قانون الانتخاب والكيفية التي تتعاطى بها الهيئة مع هذا القانون وأيضاً في معرفة وجهة نظر مؤسسات المجتمع المدني التي تقرأ القانون من زاوية خاصة بها، ويبقى الأمر في النهاية قول أهل القانون ومؤسساته، كتلك التي استندت اليه الهيئة المستقلة للانتخاب عندما بيّنت ان قرار الديوان الخاص بتفسير القوانين رقم 6 لعام 2016، قد منح هؤلاء الـ(175 ألفاً) حق المشاركة في العملية الانتخابية ولم يحرمهم كما ورد في بيان «تضامن» على ما قال الناطق الاعلامي باسم الهيئة.
ما سبق قوله هو ان النقاش الهادئ والحر وخصوصاً البعيد عن ثقافة التخوين والشك والحكم المسبق، هو المطلوب اليوم اكثر من أي وقت مضى وهو أيضاً السبيل الوحيد لتنقية الأجواء من مخلفات عهود انعدام الثقة والشكوك المتبادلة والإدعاءات الفارغة باحتكار الحقيقة والوطنية، والتي يجب ان تكون كلها مكرسة من أجل تحصين مجتمعنا وتجذير ثقافته الديمقراطية والوصول الى قناعات راسخة بأن السبيل الى حل الخلافات والاختلافات في وجهات النظر هو الحوار والتوافق وفي النهاية الاحتكام الى القانون واللجوء الى صناديق الاقتراع, بغير ذلك ندور في حلقة مفرغة ولا ننتهي الى نتيجة ولا نحسب ان احداً له مصلحة في تغييب أو غياب الحقيقة والشفافية والحياد والعمل بدأب ومثابرة من اجل الصالح الوطني العام ودفع مسيرة الاصلاح الشامل الى الامام كخطوات مطلوبة لتجويد الانتاج وتحصين السلطات الثلاث وتوفير الاجواء لها للقيام بواجباتها الدستورية دون تغول او تدخّل من أحد فضلاً عن تطبيق القانون الخاص بمحاربة الفساد وتجفيف منابعه وكنس ثقافته والذي ترجم في قانون هيئة النزاهة الوطنية ومكافحة الفساد.
وفي هذا الشأن يجب ان لا يغيب عن اذهاننا ما يروج ويشاع في «الشارع» المعني باستحقاق انتخابات مجلس النواب الثامن عشر وبخاصة في بدء نشر نتائج استطلاعات رأي يقول القائمون عليها ان نسبة كذا لن تشارك في الانتخاب وان نسبة اخرى لا تعرف اذا ما كانت ستشارك أم لا, فيما نسبة ثالثة تقول انها ستشارك.. واذ لا نريد التشكيك او الغمز من قناة أي استطلاع رأي ولا الطعن في اهلية القائمين عليه او مدى نسبة تمثيل «العينة» التي تم اختيارها, الا ان ذلك كله لا يمنعنا من حقنا في ابداء رأينا في مسألة الاستطلاعات التي تأخذ في هذا المجال طابعاً معيناً, ليس بالضرورة أن يتوخى العلمية او يسعى الى تجذير ثقافة الاستطلاعات في الفضاء الديمقراطي الاردني, بقدر ما يمكن لاطراف معنية ان تستثمر هذه «النتائج» وتوظيفها لاغراض سياسية, ليس بالضرورة أن تكون دائماً ذات بعد وطني أو اصلاحي.
لهذا لن نخوض في هذه المسألة الا بمقدار ما يمكن ان نسميه مدى اسهامها في بث الحماسة والتأثير في دفع اصحاب حق الاقتراع للمشاركة في العملية الانتخابية خصوصاً في ظل التعليمات والقوانين الصارمة والحاسمة بأنها ستكون عملية نزيهة وشفافة ومحايدة, لن تفرز الا ما صوّت له وبه الاردنيون والاردنيات وستأخذ عمليات الفرز الطابع العلني المصوّر والموثّق والمدقّق, كي يتم إحداث قطيعة تامة وحقيقية مع ما في الانتخابات التي قيل عنها الكثير وشابها بعض العيوب وتم الطعن في مجرياتها وآلياتها..
للحديث صلة..
الراي