حكاية حب عمرها اكثر من خمسين عام
من بين آلاف الشركات العاملة في الأردن قلة تستطيع أن تزعم ارتباطها الوجداني بالأردنيين، وهذه العلاقة أعمق كثيراً من مجرد علامة تجارية يستطيع الأردنيون تمييزها عن غيرها، فهي علاقة تجعل الشركة جزءاً من ذاكرة المواطن ومن حياته اليومية كذلك شركة جت في مقدمة الشركات التي يمكن أن ينطبق عليها وصف العريقة في الأردن، وعلاوة على ذلك، الحيوية أيضاً، فشركة جت في قطاع النقل ليست في منافسة مع أحد تقريباً، وجميع المنافسين الذين حاولوا أن يدخلوا سوق خدمات التنقل بين المحافظات وإلى البلدان المجاورة خرجوا من المنافسة أو ارتضوا بوضعية البديل إذا لم يجد المسافر للعقبة مثلاً تذكرة في الموعد الذي ينشده .
تعتبر جت اليوم الرابط الأساسي بين مدينة عمان وثغر الأردن على البحر الأحمر العقبة، كما وتمتد خدماتها لتوفر بنية تحتية راقية ومتكاملة تربط المواقع السياحية في الأردن ببعضها البعض، ولا يمكن عملياً تصور بديل لشركة جت في هذه المواقع، خاصة أن الشركة تعتبر ترمومتراً لحركة السياحة في الأردن، ويعتبر منظر باصاتها في مناطق البتراء والبحر الميت وغيرها من المواقع السياحية عاملاً باعثاً على الطمأنينة لدى العاملين في القطاع السياحي .
تجاوزت جت التصنيف كقصة نجاح، فالأمر يتعدى مجرد تحقيق الريادة والسبق في سوق نقل الأفراد في الأردن، والتساؤل يجب أن يتوجه للكيفية التي استمرت من خلالها جت لمدة 50 عاماً في التقدم والازدهار، مع وجود الحلول المبتكرة دائماً من طرف الشركة، وهذه الأفكار يتوجب على الدارسين لإدارة الأعمال والإدارة الاستراتيجية أن يجيبواعليها، ومع ذلك فنظرة على إدارة جت خلال السنوات الأخيرة تبين مدى قدرة الشركة على الاستجابة لتحديات السوق، ومدى مبادرتها الدائمة بأن تكون عند مستوى تطلعات زبائنها، فمن ناحية نوعت جت خيارات الانتقال بين الباصات الفاخرة والباصات الاقتصادية مع الباصات التي تتوفر لأغراض معينة، وتمكنت من خلال السيطرة على ضبط الجودة بصورة مستمرة من الاحتفاظ بالزبائن، وخاصة الأفراد منهم، وطرحت جت أيضاً حلولاً سعرية مقبولة للجميع جعلتها تقريباً خارج المنافسة بمستوى الخدمة مقابل التكلفة، أو بعبارة أخرى، القيمة التي يحصل عليها المسافر مع جت ، عام 1964 تحديدا، تمخضت فكرة إنشاء شركة خاصة لنقل الركاب في القدس ، إلا أن القائمين عليها في ذلك الوقت لم يكونوا يعرفون أنهم خطوا السطر الأ في قصة نجاح يزيد عمرها عن 50 عاما، بعد أن أصبحت شركة “جت” الأولى في النقل السياحي بلا منازع.
وعلى اثر الحروب التي مرت على فلسطين وبعد حرب عام 1967 تحديدا، نقلت الشركة مركزها إلى عمان عام 1973 في منطقة العبدلي، وباشرت عملها بأربع حافلات فقط.
منحت الحكومة الأردنية في ذلك العام شركة “جت” امتيازا لغايات نقل السياح في الأردن، لتصبح بذلك الشركة الوحيدة في مجال النقل السياحي، وقامت الحكومة بتوقيع تعاقدات مع حكومات البلدان المجاورة لربطها بالأردن عن طريق خطوط شركة “جت” مقابل مليون دينار سنويا تدفع للحكومة مقابل الامتياز، وبقي الحال على ما هو عليه حتى إنشاء هيئة تنظيم النقل البري عام 1994 لينتهي بذلك امتياز الشركة وسمح لشركات أخرى بامتلاك حافلات سياحية.
يترأس جت المهندس مالك حداد وهو صاحب رؤية استطاعت أن تثبت أقدام الشركة في السوق في الوقت الذي تراجعت فيه جميع الشركات الأخرى، وكان أداء كثير منها مخيباً للزبائن، وخاصة من يحتاجون للتنقل بصفة مستمرة، ولذلك كانت الاستراتيجية التي دشنها حداد في الشركة تعتمد على تعزيز ثقة الزبائن ورضاهم عن الخدمة، وتعزيز قنوات التواصل معهم سواء الإلكترونية أو من خلال الفروع المجهزة التي يلتزم موظفوها بالمهنية في خدمة الزبائن، ويتبدى ذلك بوضوح في فرعي العقبة والدوار السابع بعمان، حيث يستطيع الزبون الوصول إلى الخدمة بأفضل طريقة ممكنة، فالنقل بالنسبة لجت هو علاقة مستمرة وسمعة تتوطد في السوق المحلي والأسواق العربية، وجدير بالذكر أن تجربة جت في باصات النقل الاقتصادية والفاخرة بين المدن تتفوق على التجارب القائمة في الدول العربية المجاورة، وتصل بأداء الشركة لحدود الخدمات العالمية وخاصة خطوط الباصات التي تربط بين البلدان الأوروبية الاردنييون والسياح العرب والاجانب باتو على قناعة تامة ان جـــــت بحافلاتها وادائها المتميز بخدماتها واحترامها لعملائها هي الوجه السياحي للاردن ، بحيث لا تقبل العديد من المجموعات السياحية الاجنبية والمحلية القيام برحلاتهم وجولاتهم على المواقع السياحية والتاريخية والدينية المنتشرة في مناطق عديدة في الاردن الا بحافلات الشركة.bab7576e502e82c0c0b98e11a5fb44c5
هذا نابع بلا شك من الثقة التي تولدت ورسختها الشركة عبر عقود واستثمرت للوصول الى هذا المستوى من الثقة المئات من الموارد البشرية العاملة في الشركة وانفقت الكثير من الاموال لايجاد اسطول نقل سياحي على سوية عالية يضاهي ما يراه السائح في العديد من البلدان المتقدمة..
ن شركة “جت” بحضورها اللافت على خارطة السياحية الاردنية باتت بوابة كبيرة من بوابات الجذب السياحي للمملكة والذي نأمل ان ينشط بشكل اكبر واشمل خلال هذا الموسم والمواسم القادمة بفضل الروح الوطنية التي تطغى وتسيطر على تفكير الادارة العليا في الشركة مقدمة مصلحة الوطن على مصالح الشركة في كثير من الاحيان خاصة في الشؤون المالية التي تهتم بها الشركة وتسعى لتحقيق قفزة نوعية من خلال ابتكار العديد من المشاريع التي تدر دخلا اضافيا للشركة يسهم في تحقيق واستمرارية النجاح الذي توج باطلاق الباصات المكشوفة التي تحولت الى” فرجة” لاهالي عمان وسياحها .
رؤية جت تخطت مجرد العمل كشركة في السوق الأردني، فتحولت إلى أحد الأدوات في مسيرة التنمية الاقتصادية لتداخلها مع مختلف القطاعات وخاصة قطاع السياحة، ومع ذلك، فإن مبادرة رئيسها المثقف والمتفهم لطبيعة التحديات التي تواجه قطاع النقل في الأردن، جعلته في مرات كثيرة يوظف باصات الشركة لخدمة المجتمع مجاناً في الظروف المناخية الصعبة وبغض النظر عن التكلفة التي تتكبدها الشركة من أجل خدمة المجتمع الأردني الذي يعتبرها شركة وطنية فاعلة ومؤثرة.
كتبت :اماني عبدالهادي