حكومة الرزاز بين الرحيل أو التعديل .. وبورصة المغادرين تطال المعشر ،الخصاونة ،أبو رمان،كناكرية وحماد
مرة جديدة تنشغل النخبة الأردنية بذلك الهامش الأزلي سياسياً بين مفردتي «التعديل والتغيير» ، وطبعاً، الحديث هنا عن تعديل أو تغيير وزاري بعدما وجد الرئيس الحالي الدكتور عمر الرزاز نفسه في زاوية ضيقة ومعقدة جداً عندما أفلت وبصعوبة بالغة من لوم الشارع والجمهور في أزمة المعلمين، فحظي فوراً بحالة لوم ونقد كبيرين على مستوى النخب ودوائر القرار الشريكة.
صعب جداً في بلد يعاني من ضائقة مالية واقتصادية صعبة وتتجه شرائح القطاع العام فيه للاعتراض وبقسوة تحت لافتة معيشية، أن يتمكن أي رئيس حكومة، مهما كان عبقرياً وخبيراً، من إرضاء جميع الأطراف.
فطوال أربعة أسابيع من أزمة إضراب المعلمين التي انتهت، التزم الرئيس الرزاز بموقف خشن وصلب ضد مطالب المعلمين بصيغة ترضي الجبهات الأخرى داخل أروقة القرار والدولة.
بعدما تقرر إنهاء استعصاء في الأزمة نفسها، وبما أن الأمر صدر بإنهائها، لعب الرزاز بالتفاصيل، فكان سخياً وكريماً أكثر مما ينبغي مع مطالب المعلمين، فأرضاهم وسجل اسمه بصورة متقدمة قليلاً وسط حاضنته الاجتماعية، لكنه أزعج وأقلق وأغضب كثيرين داخل المؤسسات الرسمية.
على نحو أو آخر، نجح الرزاز في لفت نظر جميع الأطراف إلى أنه تصرف كرجل دولة عندما حاول المعلمون إخضاع الحكومة، ثم تصرف كمواطن صالح وسياسي هادئ بعدما تقرر أن تخضع حكومته، مسجلاً بعض النقاط في سلة استعادة ما تيسر من حصته الشعبية في الشارع.
لفت النظر أيضاً إلى أن ميكانيزم المرونة، تصعيداً وتساهلاً، يمكن دوماً الاستثمار به في لعبة سياسية هدفها احتواء الاستعصاءات والسهر على الاستقرار الأهلي في المجتمع ثم خدمة الأهداف الأبعد والأعمق للدولة.
السؤال يبقى هنا: ما الذي يعنيه هذا التموضع النادر عندما يتعلق الأمر بالمراوحة ما بين مفردتي «التعديل والتغيير الوزاري»؟
المنطق البيروقراطي والسياسي يفترض بأن الفرصة قد حانت أمام الرزاز لإطالة عمر حكومته على الأقل حتى ما بعد الربيع المقبل، حيث دورة عادية للبرلمان هي الأخيرة في عمره يفترض أن ترحل السلطتان معاً بعدها، وحيث موازنة مالية ينبغي أن ينهيها الطاقم الحالي، وقد تكون الأصعب والأكثر تعقيداً برأي النائب خير أبو صعليك، رئيس أهم لجنة اقتصادية في مجلس النواب.
هنا إذا قرر الرزاز ركوب الموجة يبدو أنه يحتاج إلى أمرين لكي ينجز تعديله الوزاري الخامس على طاقمه في أقل من عامين، هما ضوء أخضر ملكي ومرجعي يسمح له أصلاً بهذا التعديل.
وثانياً، التأكد من أن حكومته في هويتها الجديدة تستطيع تنفيذ مهمة صعبة ومعقدة أخرى لها علاقة بما بعد انفجار لغم إضراب المعلمين، حيث قرارات صعبة بالجملة ثمة شكوك في أن الرزاز مستعد لها.
ليس سراً في السياق أن خارطة التعديل الوزاري المشار إليه، إن سُمح به، أصبحت شبه مفهومة، الرجل الثاني في الحكومة، الدكتور رجائي المعشر، أقوى المرشحين للمغادرة، وحصته في قيادة المطبخ الاقتصادي قد يجلس فيها وزير التخطيط محمد العسعس.
والحديث يتواتر، ولأول مرة، عن احتمالية مغادرة اسماء اخرى أيضاً، وإن كان هذا المحور عابراً أصلاً لصلاحيات الرزاز.
في المشهد نفسه، حديث عن وزير نقل جديد، وبحث عن وزير مالية جديد،، ورغبة ملموسة عند وزير الثقافة والشباب بالانضمام إلى المغادرين، وحقيبة سياحة غير مستقرة بعد، يضاف إليها تسريبات عن احتمالية كبيرة لشمول حقيبة الداخلية.
إذا نجحت أجندة الرزاز في هذا التعديل المقترح، وبحكم الحقائب السيادية التي سيشملها، يمكن التحدث عن حكومة بنكهة مختلفة تماماً.
لكن مقابل التعديل، وردت فكرة سيناريو التغيير الوزاري في أكثر من دلالة وإشارة، فلاعب سياسي خبير وقناص من وزن الرئيس الأسبق سمير الرفاعي، تحدث عن خطأ ارتكبته الحكومة في أزمة المعلمين وحزب الجبهة الأردنية الموحدة، أعلن في بيان أن حكومة الرزاز ينبغي أن ترحل بعدما استنفدت.