. .. أبوابه مشرعه ، ازداد عطاءً وحباً لناسه وعشقاً لوطنه
كتب الزميل : جمال حداد
في المدرسة تصقل شخصية الفرد،ويبنى عقله،وتشف روحه.ولذلك كان وجود المدرسة من أهم ضرورات الحياة المعاصرة.لكن المدرسة ليست منهاجاً اصم ولا بناءً واسعاً بل هي القدوة التربوية التي تشد الطلبة وهم في طور التشكل،الروحي،العقلي ،الاخلاقي.من هذا المكان المقدس ـ المدرسة ـ يبدأ صناعة الإنسان الصالح،والمواطن المنتمي حامل القيم النبيلة.
الدكتور نواف العجارمة،رجل تربوي، بنى نفسه وارتقى على سلم خبرته وعلمه وأصبح قدوة ومثالاً.فان أردت تأريخ تاريخه،وكيف حفر مستقبله العلمي ونقش اسمه لن تكون سوى شاهد على رجل عصامي استثنائي ترفع له القبعة.
الدكتور العجارمة أمين عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية ومنح عمره وعلمه لوطنه وتفاني في مجال التربية والتعليم .سجله حافل بالتدرج الوظيفي و الانجازات والحصول على الشهادات التي توجت،بدكتوراه فلسفة ـ المناهج العامة ـ ما يكفي للشهادة بروحه الوثابة ،وأثره وتأثيره في ميدانه العلمي والتعليمي،لذلك يستحق اعطاءه حقه وما يستحقه، من التقدير والاحترام وتسليط الضوء على مكانته وإمكانياته.
ولعل نقطة البداية في التحرر من أمراضنا وعيوبنا تبدأ بصناعة الفرد.والعجارمة كان هذا مشروعه منذ بواكير حياته الأولى،فانخراطه في جهاز التربية والتعليم معلما،مديرا،فأميناً عاماً،لان العمل و الإخلاص فيه ابرز هواياته وشغله الشاغل.فلا غرابة في كل هذا إن رجعت إلى تدرجاته العلمية،واعتماده على ذاته بعيداً عن الواسطة والمحسوبية،فتنحني له ولأمثاله نتيجة لمراكمة الشهادات والخبرات،وحفر مستقبله بأظفاره.
اللافت في الدكتور نواف العجارمة،امبن عام وزارة التربية والتعليم للشؤون التعليمية،انه كلما ارتقى درجة على السلم التعليمي ازداد تواضعا،كالسنبلة المثقلة بحملها، وازداد عطاءً وحباً لناسه وعشقاً لوطنه.الرجل ليس بحاجة إلى تزكية ولا تسليط أضواء عليه.هو زاهد في كل هذا.لهذا من حقه علينا ان نوفه الاحترام و التبجيلا،ككل جندي مجهول، أفنى زهرة عمره في خدمتنا والتفاني في تعليمنا لنواكب عصر الكومبيوتر،ونلحق بقطار التكنولوجيا السريع،ونرتقي بالعلم والتعليم إلى مصاف الدول التي يشار لها بالبنان..
ان تكريم المعلم هو تكريم لمستقبل الأمة،فلا مستقبل لدولة مهما أوتيت من مال وقوة بلا ركائز علمية وقدوات تربوية.وقد ثبت بالأرقام والإحصائيات،ان أمريكا التي تتصدر العالم بالعلوم وتتفوق على الدنيا بالقوة هي الدولة الأكثر شراءً للعقول البشرية،حيث تغدق الأموال عليها، وتفتح الآفاق لها، وتسهل مهماتها، ببناء المختبرات ومراكز الأبحاث،وتهيئة الأجواء والظروف لإبداع الطلبة وطلاب المعرفة، لان ذلك ينعكس على الوطن كله وتقطف الأجيال ثماره.
إذا،المعلم والعالم هما أهم الركائز الأساسية والرئيسية، في نهضة الدول العظيمة.فدور المعلم لا يقتصر على التلقين كما كان في كتاتيب ـ أيام زمان ـ،بل دوره التربية والتهذب وصقل الشخصية،واكتشاف الجوانب الإبداعية في الطالب وتنميتها،وتشجيع الخيال العلمي، لأجل الابتكار والاختراع ووضع الحلول للمشكلات المستعصية والمزمنة.فالمعلم الجيد هو من يُحسن بذر الروح البحثية عند طلابه، وزرع قيم الفضيلة فيهم وعلى رأسها الأخلاق، أما المعلم الأعظم هو من يعلم ويلهم وينحت شخصيات طلابه ليكونوا قادة المستقبل وأعمدة الوطن التي يرتكز عليها في عملية نهوضه وشموخه.
المعلم هو المايسترو في العملية التعليمة بكافة أبعادها،لدرجة ان التكنولوجيا ذاتها، ما هي الا محفزات للطالب والمعلم المثل الأعلى لأنه رسول العلم وحامل الرسالة الواقف في المقدمة لقيادة الركب كله.من هنا كانت رسالة المعلم شاقة ومشوقة في الوقت ذاته.ففي رؤياه المستقبلية وتعاليمه الأكاديمية تكمن الثورة العلمية التي هي رافعة الارتقاء والتقدم لأي امة،خاصة ان كان يتميز بالغيرية والعطاء، ولا يعرف الأنانية،ولا يسعى إلى شكر من احد طالما أرضى ضميره،واطمئن لرضا ربه.
المعلم أعلى رتبة وأفضل لقب كانت في العصور التنويرية،ففي المجتمع اليوناني الذي قدم للعالم الحكمة والفلسفة والروائع المسرحية وبحث في الحقيقة والأسطورة، كان لقب المعلم يطلق على أكابر العلماء والفلاسفة،وقد نال هذا الشرف الفيلسوف سقراط الحكيم ـ الفيلسوف المعلم ـ،كما حاز على اللقب ذاته، المهاتما غاندي قائد أعظم ثورة تحرير سلمية في العالم وقد حرر بلاده الهند من الاستعمار البريطاني دون إطلاق طلقة أو إراقة قطرة دم.فالمعلم من باب أولى، هو العامود الفقري للوطن، نافخ الحياة في شبابها،عماد مستقبلها.
عود على بدء، فان ابا بشر، الدكتور نواف العجارمة،طاقة ايجابية معطاءة ومتجددة،عرف بالرجل المكوك الذي لا يهدأ ولا يستريح في تنقلاته بين المكتب والميدان،وهو يتابع عن كثب كل صغيرة وكبيرة،ويعيش اللحظة مع الطلبة والمعلمين.يغوص في مشكلاتهم،يتحسس أوجاعهم ،يصغي لمتطلباتهم،تراه دائم الإشراف ورسم الخطط التعليمية. لا مبالغة ان قلنا وبشهادة من حوله انه لا يكل ولا يمل ليعطي أفضل ما عنده في سيمفونية رائعة متكاملة تُشنّف الآذان وتنعش الروح.
فما أنبلك وأروعك ابا بشر العجرمي، فأبوابك مشرعة، وقلبك مدينة لاتنام، متأججة بالأمل وصاخبة بالعمل.