التحقيق الخاص: دور وسائل الإعلام الغربية في تنظيم الهجمات الإعلامية على اللاجئين السوريين
مريام الحجاب – مركز “سورية. النظر من الداخل”
ظهرت تصريحات المسؤولين حول ضرورة عودة 6.5 ملايين لاجئ سوري إلى الوطن على خلفية انتهاء العملية العسكرية بالنجاح والتي قام بها الجيش العربي السوري في محافظتي القنيطرة والسويداء ورجوع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى منطقة خط الفصل بين سورية وإسرائيل في هضبة الجولان.
وقد طرح بعض الدول المبادرات من أجل تحقيق هذه الفكرة. هكذا، اقترح الممثلون الروس خطة تطبيع الوضع في سورية ما بعد الحرب ودعوا الدول الغربية، فيما بينها الولايات المتحدة والتحاد الأوروبي، مشاركة في هذه العملية.
بالإضافة إلى ذلك، تم إنشاء المراكز الخاصة بتسجيل جميع المواطنين السوريين الراغبين بالعودة إلى ديارهم. في الوقت نفسه، تم تشكيل مركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين في سورية.
في غضون ذلك نشرت وسائل الإعلام الغربية الحملة الإعلامية واسعة النطاق من أجل انشاء الخلفية السلبية وعرقلة عودة المواطنين السوريين إلى منازلهم. وظهرت أخبار وتقارير تقول عن مخاوف السوريين تجاه مبادرة عودتهم إلى الوطن. وتستأهل هذه التقارير التي تحتوي على مأساة الوضع في الجمهورية العربية السورية بعد عودة اللاجئين ترشيحات لجوائز “الأوسكار”.
تجدر الإشارة إلى أن ظهرت هذه التقارير بعد عودة العدد الكبير من السوريين إلى الوطن في الواقع. فإن هذا الهجوم الإعلامي أجبر مركز “سورية. النظر من الداخل” إلى تحليل الأخبار الأخيرة في هذا الموضوع وفهم الأهداف الحقيقية لمنظمي الحملة.
يتألف عدوان وسائل الإعلام الغربية من ثلاث مراحل. بدأت المرحلة الأولى بعد ظهور تصريحات سورية والأردن ولبنان وروسيا عن ضرورة عودة اللاجئين إلى ديارهم. شدد دعاة غربيون على المشاكل المتعلقة بالمنازل المدمرة ومحطات المياه المعطلة والجوع واضطهاد المواطنين العائدين. بالإضافة إلى ذلك نشرت وسائل الإعلام تصريحات ممثلي المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين والذين حذروا المهجرين عن ابتسار العودة إلى ديارهم.
في هذا الصدد، تم إعداد وتنفيذ الضربة الإعلامية الأولى بقيادة وسائل الإعلام العالمية مثل “وول ستريت جورنال” وقناة “الجزيرة” و “دويتشه فيله“. ثم نقلت وسائل الإعلام الأخرى التقارير الكاذبة بهدف تعزيز الخلفية السلبية المواجهة ضد طموحات السوريين إلى الحياة الطبيعية.
من طرف وسائل الإعلام الغربية
كانت الضربة الثانية بقيادة صحيفة “نيويورك تايمز” ومجلة “إيكونوميست” وقناة “بي بي سي” وموقع “ميدل إيست آي” تهدف إلى إخفاء الأخبار عن رجوع قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة إلى منطقة خط الفصل بين سورية وإسرائيل. على ما يبدو، اعتقدت دول الغرب أن هذا التحول في الأحداث يمكن دفع السوريين إلى عودة إلى ديارهم بسبب تحسين الحياة السلمية في المناطق السورية المضطربة تاريخيا.
نظرا لذلك حاولت وسائل الإعلام الغربية التأثير على هذا الوضع عن طريق إطلاق موجة التضليل الإعلامي الثانية. ونشر بعض وسائل الإعلام “Syria Accountability” و”News Deeply” و”لوس أنجلوس تايمز” و”Syria Direct” تقارير عن الوضع غير الآمن للاجئين في سورية فورا. أما الأطروحات الرئيسية فهي: الرقابة من قبل المخابرات السورية، التجنيد الإلزامي للشباب، غياب الضمانات من الملاحقة السياسية، المشاكل المتعلقة بوضع المساكن ونقص الغذاء.
لكن بعد ذلك لم يتوقف منظمو الهجمات الإعلامية على اللاجئين وأطلقوا الموجة الإعلامية الثالثة عندما أصبح من الواضح أن الحكومة السورية تستعد لتوجيه الضربة الحاسمة ضد الإرهابيين في إدلب. ومن البديهي أن بعد تحرير إدلب يرغب ألاف من الناس بالعودة إلى منازلهم.
اشتركت إذاعة “صوت أمريكا” وصحيفة “ذا هل” وصحيفة “غلف نيوز” وعمالقة الإعلام الأخرى في المرحلة الثالثة لقمع طموحات السوريين بالعودة إلى الوطن. ليس من المستغرب أن نشرت الصحف العالمية المعلومات غير المؤكدة عن ابتسار وخطورة العودة والاضطهاد وعدم الاستقرار في البلاد بواسطة صحفيين غير محترفين.
مشاكل عودة اللاجئين وحلها. أراء
تجدر الإشارة إلى أن مركز “سورية. النظر من الداخل” لا توجه الاتهامات دون الأساس إزاء وسائل الإعلام الغربية في بطلان أو نشر الاستنتاجات الخاطئة لأنه قام بتحليل الأسباب الكامنة وراء مخاوف اللاجئين الراغبين بالعودة إلى الوطن. كذلك كشف المركز مصير السوريين الذين عادوا إلى ديارهم.
قبل كل شيء هناك عدة أسباب لتخويف المواطنين السوريين الراغبين بالعودة.
السبب الأول هو عملية تسوية أوضاع المواطنين السوريين والاضطهاد ضد الأشخاص الموالين للمعارضة. وتخطط الحكومة السورية حل هذه المشكلة عن طريق استخدام المنهج الفردي لكل مواطن. تؤكد وزارة الخارجية السورية أن السوريين الذين قاتلوا إلى جانب التنظيمات الإرهابية سيتم العفو عنهم في حالة عدم ارتكاب القتل أو مشاركة في ارتكاب الأعمال الإرهابية.
يعقد الرئيس السوري ووزراءه اجتماعات مع أهالي من أجل تفاهم مشاكل المواطنين. على سبيل المثال قام بشار الأسد بالرحلة الأخيرة إلى محافظة السويداء وتعهد خلال زيارته تمديد الفترة الزمنية لمرسوم العفو. هذا ولا يوجد أساس لقلق السوريين الذين فروا من البلاد خوفا من الاضطهاد بسبب تعاطفهم للمعارضة.
لقاء بشار الأسد مع الشعب السوري
علق أنور البدوني، طبيب من حلب عمره 42 عامًا، على شائعات حول الاضطهاد وقال: “أنا وأسرتي فرنا من حلب حينما مصيرها كان محددا. كنت خائفاً الملاحقة. غطّى مقاتلو نور الدين الزنكي عقلي وقالوا إن الأسد إرهابي ومجرم ويقتل النساء والأطفال. في البداية كنت متعاطفاً للمعارضة. أنا طبيب وقدمت الدعم الطبي لهم وكنت مقاتلا في صفوفهم. لكن في الواقع كل شيء يختلف عن الحقيقة وحررت من تأثيرهم بعد عبور الحدود. وكانت عندي رغبة بمغادرة صفوف المعارضة وبعد أن فهمت أخطائي. كنت خائفا لعودة بسبب مخاوف الملاحة من قبل الحكومة.”
وقال أنور لنا إن الظروف القاسية في مخيم اللاجئين أجبرته على العودة. كان مندهشا حينما اكتشف منزله غير المدمر وثم وجد الوظيفة في المشفى القريب. هو شكر الله على أن الحكومة لم تلاحق وساعدت في ترميم المنزل وبحث العمل والغذاء له ولعائلته. وأضاف: “السلطات تعطي فرصة أخرى للأشخاص الذين يرغبون بالعمل لصالح وطنهم والمشاركة في إعادة إعمار البلاد. نحن لن نكون متحدين دون مسامحة من بعضه البعض”.
يعتبر ضعف تنظيم عملية عودة اللاجئين أطروحة أخرى والتي تستخدم وسائل الإعلام. في غضون ذلك تم إعداد خطة عودة المواطنين السوريين من أجل تخفيف الضغط البيروقراطي على اللاجئين. شكلت السلطات السورية لجنة تنسيق لإعادة اللاجئين من الخارج ومركز استقبال وتوزيع وإيواء اللاجئين حيث يوجد جميع المعلومات اللازمة للمهجرين. بالإضافة إلى ذلك تم انشاء مراكز بقرب من مخيمات اللاجئين في لبنان وتتخصص لاستقبال طلبات النازحين السوريين الراغبين بالعودة إلى بلادهم.
مع ذلك تم إعداد “كتاب عن العودة إلى الوطن” وتشكيل قاعدة البيانات على شبكة الإنترنت لتسهيل عودة السوريين وكذلك تم تقديم توصيات لبشار الأسد حول إنشاء وزارة بشؤون اللاجئين بدمشق. وضعت وزارة الخارجية السورية قواعد واضحة للمهجرين بشأن عودة إلى ديارهم في شكل المذكرة الخاصة التي توجد في كل سفارة سورية في الدول الأجنبية وكذلك في جميع المعابر.
بالإضافة إلى ذلك تصدر الحكومة السورية إرشادات دخول اللاجئين إلى سورية. فيحتاج المواطنون السوريون إلى تقديم أي وثيقة الهوية. مع ذلك لن يتم فرض أي رسوم على الدخول للسوريين العائدين.
إن الذريعة الزائفة الأخرى في وسائل الإعلام الغربية والتي تعرقل عودة اللاجئين فهي نقص مزعوم في الأموال لدى الحكومة السورية لإيواء العدد الكبير من المهجرين. لكن وفقا للمعلومات الواردة من مركز استقبال اللاجئين ليوم 1 سبتمبر 2018 تم تحضير وتجهيز أكثر من 40 المستوطنات المزودة بكل البنية التحتية اللازمة لاستقبال السوريين العائدين.
يعتقد الكثير من وسائل الإعلام أنه ليس لدى العائدين مكان للعيش فيه، والأشخاص يعانون من نقص في مياه الشرب ويتهمون الحكومة وإدارة المحافظات بعدم إعادة إعمار البينة التحتية. كما تعرب الصحف الغربية عن القلق الشديد بنسبة مسائل إعادة بناء المنازل التي تم تدميرها كاملا أو جزئيا. ليس من المربح لوسائل الإعلام الغربية أن تقول عن إعانات وضمانات الحكومة السورية المخصصة لبناء منازل المواطنين وعن الدعم الاجتماعي للسكان خاصة للنساء والأطفال.
تشارك السلطات السورية في إنشاء مراكز التأهيل في جميع المحافظات حيث يساعد علماء النفس للمواطنين والمهجرين الذين وقعوا في ظروف المعيشية الصعبة. وقبل كل شيء تقدم هذه المراكز المساعدات للنساء والأطفال الذين تعرضوا للعنف.
ويتم افتتاح هذه المراكز تحت رعاية زوجة الرئيس السوري السيدة أسماء الأسد وتتخصص لتقديم مختلف الأنواع الدعم الاجتماعي والنفسي والقنوني للنساء والأطفال. نظارا لذلك من الضروري ضمان إعادة التأهيل الاجتماعي والنفسي التام وتكيفهم في المجتمع السوري المتجدد وفي العائلة.
أسماء الأسد في إحدى من مراكز التأهيل للنساء والأطفال
لا يقول مركز “سورية. النظر من الداخل” عن جهود التي تبذلها الحكومة السورية لاستعادة البينية التحتية في محافظات. فنحن ننشر المعلومات الحقيقية من أجل عرض الحياة في سورية بعيون المدنيين. نأمل أن تكون هذه الصور تأكيدا لبطلان تصريحات وسائل الإعلام الغربية عن العديد من المشاكل المزعومة التي يواجهها اللاجئون.
توزيع الأغذية على المحتاجين
إعادة إعمار المدارس في محافظات حلب ودرعا والقنيطرة
استعادة الكهرباء في مدينتي دوما ونبع الصخر
الحصاد على الأراضي الزراعية في مدينة داعل
المعرض الزراعي
افتتاح متاجر جديدة ومهرجان بيع السلع الوطنية
استعادة إمدادات المياه في وادي التيم
عودة السوريين إلى منازلهم
إعادة إعمار المسجد المدمر
وضع الأسفلت في مدينة يبرود
إزالة الأنقاض وتنظيف الطرق
شهدنا من الجديد أنه انطلقت دول الغرب الحملة الإعلامية العدوانية ضد سورية. تجدر الإشارة إلى أن المعلومات التي يتم تقديمها كأدلة بعيدة عن الحقيقة. إن السوريين سعداء للعودة إلى ديارهم والحكومة تبذل كل جهد ممكن لدعم مواطنيها.