دولة هاني الملقي بين البقاء والرحيل !
أ.د. محمد الفرجات
لا شك أن ورثة حكومة الملقي بتعديلاتها المتعددة عبر ما مضى من عمرها كانت ثقيلة، فحكومة النسور عايشت الربيع العربي وإتخذت قرارات مالية أحيانا أثقلت كاهل الموازنة، لما وافقت على بعض القرارات لتهدئة الشارع.
الملقي لقي أمامه موازنة تعاني العجز بإيرادات أقل من النفقات، وعاصر الجميع مؤخرا الشح في المساعدات الخارجية بغض النظر عن مصادرها.
والبنك الدولي الذي يراقب الأداء المالي للدول التي تتعاطى القروض المالية دينا، يفرض جزءا من السياسات المالية لأي بلد تتخطى فيه الأمور حواجز الأمان المالي التي قد تهدد السداد، وأقل مؤشر يأخذ به نسبة الناتج المحلي الإجمالي إلى الدين العام، ونسبة النفقات الجارية في الموازنة إلى الرأسمالية، والأخير يحدد النمو الإقتصادي.
لدينا فالنفقات الجارية على شكل الرواتب السنوية تتفوق بكثير على النفقات الرأسمالية، مما يؤدي لإنكماش القطاع الخاص ويحد من تدفق وسيولة النقد وحجم الأعمال.
في كتاب التكليف السامي لحكومة الملقي كان عليه أن يقوم بإصلاحات مالية، إضافة إلى إحداث تنمية إقتصادية.
بدأ الرجل بالإصلاحات المالية وإستجاب لمتطلبات البنك الدولي الذي يكفل قروضنا الخارجية، وأضطر لمداخلات جراحية قاسية برفع الأسعار وتسمية ضرائب وغيرها.
الشارع بالمقابل يتألم، إضافة لمجلس النواب والذي يبحث كثيرا عن الشعبية بحركات عشوائية أحيانا يطالب بحجب الثقة عن الحكومة.
شعبية الحكومة أستنفذت، ولن يبقى بمقدورها تمرير أية قرارات صعبة، والبوصلة تشير إلى حكومة تستطيع تحقيق الشق الثاني مما جاء في كتاب التكليف السامي لحكومة الملقي، وهو إحداث تنمية تنعكس على المواطن إيجابا، فتنخفض نسب الفقر والبطالة، ولا يوجد ما يمنع حينها من رفع الرواتب وخفض الأسعار، وتحقيق حزمة من الإجراءات التي تنعش المواطنين وتريحهم أمام ماراثون من المعاناة مستمر منذ ما يقارب العقد.
شكرا لحكومة الملقي لما أنجزت، ولقد آن الأوان للتفكير بحكومة غير تقليدية تستطيع أن تحقق شيء للمواطن، والذي بات يتصرف بغرابة أمام ألمه، سطو مسلح وأتاوات ومخدرات وعنف.
الدولة العميقة مطلوب منها كذلك إستشراف المستقبل، فهنالك تحالف مدني ينمو ومطالبات بتغيير الواقع الذي أصبح مملا نوعا ما أمام دولة ليس لها مشروع.