– في الوقت الذي تصل فيه أعداد الإصابة بمتحور فيروس كورونا “أوميكرون” إلى أرقام قياسية منذ بدء انتشار الوباء، حذرت دراسات جديدة من أنه حتى العدوى ذات الأعراض الخفيفة، التي تشكل أحد أبرز سمات “أوميكرون”، يمكن أن تؤدي إلى المرض المزمن الذي يطلق عليه اسم “كوفيد الطويل”.
ووجد باحثون في مستشفى “سيدرز سيناي” الأميركي، أنه في بعض حالات الإصابة “الخفيفة”، بقيت تظهر مؤشرات على فرط نشاط الجهاز المناعي بعد أشهر من المرض.
ويشعر الخبراء بالقلق من أن الإصابات الهائلة بأوميكرون في الوقت الحالي، يمكن أن تؤدي إلى معدلات هائلة من الإصابة بـ”كوفيد الطويل” على مدى الأشهر والسنين المقبلة.
وتلعب الأجسام المضادة دورا مهما جدا في الاستجابة المناعية الفعالة، فهذه الخلايا المناعية هي بمثابة “الشرطي” في الخطوط الأمامية، الذي يقوم بـ”دوريات” في الجسم، ويبحث باستمرار عن مسببات أمراض معينة.
وعندما يعمل جهاز المناعة لدينا كما ينبغي، يمكن لهذه الأجسام المضادة أن تتعرف بسهولة على الخلايا السليمة وتتجاهلها، لكن في بعض الأحيان تتعطل هذه الأجسام المضادة وتتعلم كيفية استهداف الجزيئات غير المهددة (مثل بعض الأطعمة) أو الأنسجة الطبيعية. وتُعرف هذه البروتينات التي تهاجم نفسها بـ”الأجسام المضادة الذاتية”.
وتلعب الأجسام المضادة دورا في العديد من أمراض المناعة الذاتية، مثل التهاب المفاصل الروماتويدي والذئبة. كما تم ربط هذه الخلايا المناعية بالإصابة بفيروس كورونا الحاد، حيث أكدت دراسة أجريت في جامعة ييل الأميركية مؤخرا، وجود علاقة بين شدة المرض ومستويات الأجسام المضادة الذاتية.
وبالعودة إلى الدراسة الخاصة بمستشفى “سيدرز سيناي”، فقد قامت لأول مرة، بمتابعة مستويات الأجسام المضادة الذاتية لدى مرضى كورونا المتعافين، حتى 6 أشهر بعد إصابتهم، وفق ما ذكر موقع “نيو أتلاس”.
ووجد الباحثون علامات على ارتفاع الأجسام المضادة الذاتية في جميع المتعافين، حتى أولئك الذين عانوا في البداية من عدوى خفيفة أو دون أعراض.
وقالت المؤلفة الرئيسية المشاركة في الدراسة، سوزان تشينغ: “لقد وجدنا إشارات لنشاط الأجسام المضادة الذاتية التي ترتبط عادة بالالتهاب المزمن والإصابة التي تنطوي على أعضاء وأنسجة معينة، مثل المفاصل والجلد والجهاز العصبي”.
وتم الافتراض سابقا بأن نشاط الجسم المضاد الذاتي المستمر بعد عدوى فيروسية حادة، يلعب دورا في متلازمة “التعب المزمن” (CFS)، والمعروفة أيضا باسم التهاب الدماغ والنخاع العضلي (ME).
واقترح بعض الباحثين أيضا أن استمرار نشاط الجسم المضاد قد يفسر الأعراض الكامنة وراء “كوفيد الطويل”.
وأوضحت المؤلفة الرئيسية المشاركة في بحث “سيدرز سيناي”، جوستينا فيرت بوبر: “تساعد هذه النتائج في تفسير ما يجعل كوفيد-19 مرضا فريدا بشكل خاص. يمكن أن تكون هذه الأنماط من الخلل المناعي تقف وراء أنواع مختلفة من الأعراض المستمرة التي نراها في الأشخاص الذين يواصلون تطوير الحالة التي يشار إليها الآن باسم كوفيد الطويل”.
وأكدت النتائج الجديدة، أن نشاط الجسم المضاد الذاتي، يمكن أن ينتج عن عدوى خفيفة أو حتى دون أعراض لفيروس كورونا.
وقدمت مقابلة حديثة مع مدير المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية، أنتوني فاوتشي، تذكيرا وثيق الصلة بأن حتى الحالات الخفيفة من كورونا، يمكن أن تؤدي إلى “كوفيد الطويل”.
وقال في مقابلة مع “Spectrum News”: “يجب أن ندرك دائما أنه عندما يصاب الأشخاص بأعراض العدوى، فإن الأعراض ستسمر لدى 10 إلى 30 بالمئة منهم”.