مشروع قانون الجرائم الالكترونية يمس بالحريات والحقوق الأساسية . كتب: الصحفي علي عزبي فريحات . أن الناظر للوضع الراهن للحريات الصحفية في الاردن يؤكد حالة التراجع التي يشهدها وسط آمال لتحسين وتعديل التشريعات الناظمة للعمل الصحفي بما يتناسب والحاجة إلى وجود صحافة أردنية حرة وتعزيز نهج الانفتاح والتواصل مع مختلف وسائل الإعلام وتوفير البيئة الملائمة للحريّات الإعلاميّة المسؤولــة . وأثار مشروع قانون الجرائم الإلكترونية الذي تمت إحالته من مجلس الوزراء إلى مجلس النواب ومن ثم الى لجنته القانونية مؤخرا والتي أقرته مع بعض التعديلات لعرضه على مجلس النواب جدلا واسعا على مختلف المستويات النقابية والحقوقية والسياسية والبرلمانية والحزبية تساؤلات كثيرة عن مدى تأثيره على عمل الصحفيين والمؤسسات الإعلامية. ان مشروع القانون بوضعه الحالي يعتبر تضييقا على الحريات وتحصينا للحكومة من الانتقاد المجتمعي من خلال تغليظ العقوبات بشكل مبالغ فيه حيث كان على المشرع تحديدها بمبالغ معقولة والاعتماد على الحكم بتعويضات عادلة في حال ثبوت ارتكاب الجرم والضرر. ان الفضاء الالكتروني بحاجة الى ضبط فعلا ومن الضروري إيجاد تشريعات تحمي المواطنين من الابتزاز واغتيال الشخصية والاساءات والممارسات المسيئة لحماية مصالح المجتمع من اثار الجرئم الالكترونية لكن يتوجب المواءمة ما بين ضمان حرية الرأي والتّعبير التي كفلها الدستور وتعزيز دور الصحافة المهنيّة المسؤولة وحق الانتقاد البناء للجميع و حماية المتضررين من الإساءات أو الابتزاز أو الاحتيال أو اغتيال الشخصيّة على منصات التواصل الاجتماعيّ وضمان معاقبة المسيئين . أن العقوبات والغرامات التي وردت في المشروع تجاوزت فكرة الردع حيث تم تغليظ بعض الغرامات الى اضعاف وهناك خروج عن نظرية الشروع والقواعد ولا يوجد خلاف بحقيقة أن بعض المواد التي وردت بالقانون مطلوبة وأساسية مثل القرصنة والرقابة على المواقع الاباحية ووقف الابتزاز ومكافحة التسول عبر مواقع التواصل الاجتماعي . وجود مواد عديدة في مشروع القانون تحتاج الى معالجة خصوصا فيما يتعلق بتعريف المصلحات المتداخلة مع القوانين والتشريعات الأخرى ومطالبة اللجنة القانونية في مجلس النواب بمراجعة وإعادة النظر بمشروع القانون والحد من العقوبات الواردة في المشروع فيما يخص بالغرامات المالية وتوفير دراسات اجتماعية واقتصادية لمعرفة الأثر الذي سيلمسه المجتمع من قرار مشروع القانون . مواد وردت في مشروع القانون وعلى رأسها المادة رقم “15” نتائجها ستكون كارثية على مهنة الصحافة خاصة في ظل غياب تفسير المصلحات المستخدمة فيه وتحديد ما هو الخبر الكاذب على سبيل المثال ووجود مصلحات فضفاضة تثير مخاوف الصحفيين يعني إمكانية تعرضهم للمساءلة القانونية وتغريمهم بغرامات مرتفعة جدا دون سبب حقيقي وبموجب احكام القانون . (15) و (16) و(17) مواد خطرة جدا على مهنة الصحافة ويجب عدم استثناء الصحفيين والصحف والمواقع الالكترونية المرخصة نظرا لوجود قانون المطبوعات والنشر الذي ينظم عمل المهنة في الأساس ويمكن الاحتكام اليه في حال وجود مخالفات في النشر واستخدام المواقع الالكترونية وهو امر مطبق حاليا . ان الغرامات الواردة في مشروع قانون الجرائم الالكترونية تعد أرقاما فلكية ويجب على مجلس النواب ان ينحاز للحريات واحترام الراي والراي الاخر . المطلوب رد المشروع وسحبه وفتح حوار وطني شامل ودراسة بنود القانون من قبل مجلس النواب واللجنة القانونية في المجلس ومعالجة كلّ التعريفات والبنود العرفية وتحديدا ما يتعلّق منها بحريّة التعبير والرأي واستثناء وسائل الإعلام من بنود القانون بشكل واضح وصريح ومنع ملاحقة الأفراد دون وجود ادعاء بالحقّ الشخصي. كما يتوجب اجراء مزيدا من الحوارات مع نقابة الصحفيين والنقابات والأحزاب والخبراء والاكاديميون وممثلو مؤسسات المجتمع المدني وقانونين للاخذ برأيهم والاستماع الى الآراء والملاحظات والمقترحات قبل اقرار القانون من باب احترام الرأي و الرأي الاخر وتجويد القانون لحماية حرية التعبير و الحوار المفتوح والخطاب التفاعلي وتبادل المعلومات بما في ذلك الصحافة ومنصات التواصل الاجتماعي على الانترنت حتى يخرج مشروع القانون بصورة سليمة وبشكل لا ينعكس سلبا على الحريات والحقوق الأساسية التي كفلها الدستور وعدم وضع القيد عن الباحثين عن الحقيقة لتحقيق التنمية الشاملة . وفي هذا الصدد نثمن دور نقابة الصحفيين الأردنيين التي نظمت العديد من اللقاءات وتبنت مذكرة قانونية سلمتها للنقابات المهنية التي أيدت ما جاء منها ومن ثم عقد اللقاءات والمتابعة بخصوص القانون مع رئيس مجلس النواب ورئيس اللجنة القانونية ووسائل الاعلام لشرح مخاطر بعض المواد التي تعتبر تخنيق وتضييق على الحريات العامــة . ومن هذا المنبر نناشد مجلس النواب الاخذ بمذكرة نقابة الصحفيين القانونية بشأن قانون الجرائم الالكترونية التي سلمها مجلس النقابة لرئيس مجلس النواب خصوصا ان هذه المذكرة لاقت دعم من مجلس النقابات المهنيــة .