وصف علماء دين وخبراء في الإعلام استخدام المال الفاسد في الحملات الانتخابية بــــ”الجريمة القانونية السالبة للحقوق ومفسدة للحق الدستوري” لأنها تمكن أشخاصا غير مؤهلين من الوصول إلى مجلس النواب لتمثيل الشعب تحت قبة البرلمان. ودعوا إلى محاربة المال الفاسد ومواجهته من أفراد المجتمع كافة كي ننعم بمجلس منتخب قوي، وكذلك للمشاركة في الانتخابات النيابية لإيصال الأشخاص الأكفياء إلى سدة البرلمان وفق إرادة شعبية حرة نزية من اجل صنع المستقبل الذي نريد، .
سماحة مفتي عام المملكة الشيخ عبد الكريم الخصاونة، قال: إن مجلس النواب عليه واجبات وأعباء كبيرة، فهو السلطة التشريعية التي تراقب السلطة التنفيذية من منطلق الحفاظ على مصالح الوطن والتعاون على البر والتقوى، لقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان)، فمسؤولية النائب عظيمة، وتضييعها تضييع للأمانة.
وأضاف، لا يجوز للإنسان أن يطرح نفسه للانتخابات النيابية إلا إذا وجد في نفسه المقدرة على القيام بواجباته وتأدية مسؤولياته بأمانة واقتدار، مشددا على أن من لم ير في نفسه القدرة على تحمل المسؤولية أو خشي التقاعس عن القيام بأعباء عمله، فإنه ضعيف، وهي أمانة وانها خزي وعار وندامة يوم القيامة.
وبين أن من يلجأ للمال الفاسد وتقديم الأموال لشراء الأصوات هم غير أكفياء، ومن يدفع المال منهم مقابل انتخابه، فقد ارتكب جريمة وإثما مبينا، ويحرم على الناخب أن يأخذ مالا مقابل صوته لأن الإدلاء بالصوت ادلاء بشهادة لقوله تعالى (ستكتب شهادتهم ويسألون)، والشهادة لا تصلح أن تكون محلا للبيع أو المساومة وأي مالٍ يتقاضاه الإنسان نتيجة ذلك فهو مال حرام “سحت”، والسحت النار أولى به، وبالنتيجة سيصل إلى مجلس الامة المرتقب من ليس أهلا لذلك.
وفيما يخص الهدايا والهبات التي يقدمها المترشحون للناخبين مقابل شراء الأصوات، أكد أنه حرام ورشوة، كما يحرم على الناخب أن يتأثر بأعطيات وهبات المرشحين فيؤدي شهادته على غير وجهها الصحيح، وبذلك يخون أمانته ويزور شهادته.
وقال العين ووزير الإعلام الأسبق الدكتور محمد المومني إن التصويت والانتخاب عملية سياسية مهمة من شأنها إفراز المشرعين في الأردن، واستخدام المال السياسي افساد لهذه العملية وتعد صارم على الحقوق السياسية للمواطنين ونزاهة التمثيل الذي هو حق دستوري.
وأوضح أن المال السياسي جريمة قانونية وهي فساد أخلاقي لابد من كل مواطن أن يكون رقيبا حسيبا على كل مرشح تسول له نفسه استخدام هذا المال وألا يسمح بارتكاب هذه الجريمة من أي كان.
وبين أن الإعلام كسلطة رابعة عليه أن يراقب السلطتين التنفيذية والتشريعية في إطار المهنية والاحترافية وقيادة الرأي العام بطريقة موضوعية، والبحث عن الحقيقة وتقديمها للجمهور.
وقال عميد الشريعة في جامعة اليرموك الدكتور أسامة الفقير إن الكثيرين ينتخبون ضمن معايير غير شرعية، وتدخل ضمن الخدمات والأموال والجهوية والفئوية والمصالح، ما يفرز برلمانات متعاقبة ضعيفة، والأصل في صفات النائب المناسب كما ذكرت الآية الكريمة: (إن خير من استأجرت القوي الأمين)، مشيرا إلى اهمية المشاركة في الانتخابات لإفراز أشخاص أقوياء يمثلون الشعب خير تمثيل، ولا يتحقق ذلك بالتمني والأحلام وإنما بالمشاركة والتفاعل، مستشهدا بحديث النبي صلى الله عليه وسلم: ( المسلم الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من الذي لا يخالط الناس ولا يصبر على اذاهم).
وقال عضو مجلس الإفتاء الأردني الدكتور آدم نوح القضاة إن المقصود الأساسي من الانتخابات النيابية هو إيصال الأشخاص الأكفياء المناسبين لمجلس النواب عن طريق الإرادة الشعبية الحرة النزيهة التي تختار وفق ما تراه صالحا أو مناسبا لهذا الموقع، مشيرا إلى أن الحقوق السياسية في الشريعة الإسلامية لا يستعاض عنها بالأموال، ولا يجوز شرعا التنازل عنها مقابل ذلك.
وأهاب بالائمة والوعاظ وأساتذة الجامعات أن يستمروا بالدعوة من أجل التصدي ومحاربة المال الفاسد وأكل المال الحرام.
وأكد أستاذ الأديان المشارك بجامعة آل البيت الدكتور عامر الحافي أن محاربة المال الفاسد في الحملات الانتخابية مهمة كل مواطن يطمح بحياة أفضل، لافتا إلى أن السكوت عن هذا السلوك وعدم مواجهته يفسد في الضمائر ويسهم في إنتاج حالة من الانفصام النفسي لأناس يلعنون الفساد وينتخبون الفاسدين.
وبين أن عدم المشاركة في الانتخابات لا يخدم الوطن أو الشرفاء، وإنما يمنح الفرصة لصعود اشخاص غير أكفياء ولا يمثلون الشعب، داعيا الجميع للمشاركة فيها.