الطب الشعبي في المزار الجنوبي …………..
موروث علاجي للأجيال من الأجداد
الصحفي محمد الطراونة
وحتى عندما يريد الإنسان الإستشفاء من أي مرض عارض أصبح العلاج سلاحاً ذا حدين فهو يقضي على المرض من جانب ويراكم السموم في الجسم ليبدأ مرض آخر ، لذلك كان لابد من اللجوء إلى علاجات لاتكلفنا الكثيرمن صحتنا النفسية والجسدية ومن دون آثار جانبية ، فرجعنا نتساءل عن العلوم التي تداولها أجدادنا بنجاح …. وما شدني لذلك نستذكر الطب الشعبي في أيام أبائنا وأجدادنا بالقرن الماضي بمدينة المزار الجنوبي ، رغم شح الإمكانات وعدم توفر الطب الحالي في الإمكانات العالية والحالية ، فكان بذلك الوقت الاعتماد على الطب الشعبي ” الطب العربي ” وهو الموروث من الأجداد وكان بالمجان ، ورغم تميز مدينتنا الحبيبة بتاريخها الحافل بكل المجالات العلمية والثقافية والاجتماعية والسياحية ، إلا أن الطب الشعبي كان له النصيب الأميز والذي ظهر به كوكبة من قدامى المزار لكلا الجنسين ، فبرز المرحوم الحاج كريم فالح النوايسة في مجبر العظام وظهر بريقه على مستوى المملكة ولقب بشيخ المجبرين ، وتورث ذلك من والده المرحوم الحاج فالح النوايسة ، كما تورث أبناء المرحوم كريم النوايسة كل من المرحوم فرحان وكمال وأيمن النوايسة والأخير هو المواضب حالياً على هذه المهنة ، وفي الكي ظهر والدي المرحوم سالم خليل الطراونة ” ابو هاشم ” وكان على مستوى محافظة الكرك وكان بيتنا بالمزار يأتيه العديد من المرضى وكانت الإصابات المعالجة تتركز في ورم الملعونة بمناطق عديدة بالجسم وخاصة ألم الأسنان وكان العلاج عن طريق إحماء مسمار نمرة عشرة على النار ليكون باللون الأحمر ويكون الكي ملامسة للجلد في منطقتين الأولى أعلى الرقبة والثانية بمنتصف الرأس من المنطقة الخلفية العلوية وإذا لازم الكي صوت يكون ذلك بنجاح وشفاء المريض ، كما عملت عمتي الحاجة ام أمين الطراونة بالكي ، وعملت عمتي المرحومة الحاجة نورة ام عوض الطراونة بعلاج الملع بأنواعه والذي كان يجهز له عجينة من الصابون والبيض مع قطعة قماش تقوم بعمل لزقة جونسون الحالية ، كما ظهرت بتخصص النسائية والأطفال المرحومة الحاجة نخلة النوايسة ” ام راجي “وكانت مشهورة على مستوى الكرك ، والتي تورثتها من والدتها المرحومة حمدة ومن الأصل لجدتها المبدعة المرحومة الحاجة هلالة بنت سليمان الطراونة ، كما ظهرت المرحومة عشبة النوايسة والحاجة حمدة مطلق القطاونة وحسنى الخرشة والحاجة ام ذيب النوايسة والحاجة شاهه النوايسة أرملة المرحوم عبدالحميد سلمان الطراونة في النسائية والأطفال وحالات الملع المتنوعة ، فيما ظهر المرحوم الحاج خلف سليم النوايسة في علاج العصب السابع ، وفي التوليد ظهرت المرحومة الحاجة مديحة الترك ” ام ياسين” والتي تعتبر ام العديد من شباب المزار وكانت تقوم بحالات ولادة صعبة خاصة في أيام الثلوج عندما تصعب نقل حالات الولادة للمستشفى ، وفي علاج الرقيا الشرعية ظهر بالثلث الأول من القرن الماضي شيخ الكتاتيب المرحوم الحاج موسى أحمد الطراونة ثم ظهر الشيخ أحمد الغزاوي ثم ظهر الداعية الزاهد الشيخ الجليل المرحوم عوض الطراونة ” الفقراني ” ، كم ظهر بذلك الوقت مجموعة من قدامى المزار الأخيار في عمل الحجامة والعلاج عن طريق الأعشاب المتنوعة ، وقبل خمسة عقود ظهر أطباء أوفياء من المزار أمثال د . اسعود عبدالله الطراونة ، الصيدلاني الدكتور خليل عبدالعزيز القطاونة ، د . مصلح سليمان الطراونة و د . إسماعيل حسين النوايسة ، ثم ظهر العديد من الأطباء والممرضين والذين لا يزالون يمارسون عملهم المخلص ولمختلف التخصصات والقائمة تطول لذكرهم …. وتعد أول عيادة طبيب بالمزار تعود للدكتور محمود العلاوي وكانت في بيت مستأجر يعود للمرحوم نور فلاح النوايسة والمقابل لمياه غاندي حالياً ، وأول صيدلية بالمزار تعود إلى زياد المحادين بالسوق الغربي القديم في دكان المرحوم أحمد سليمان النوايسة ، والملفت أن الصيدلاني كان يمارس على بوابة الصيدلية لعبة الطاب الشهيرة بالمزار والتي كان يمارسها مجموعة من الرعيل الأول بالمزار وكان بطلها وأميز لاعبيها المرحوم الحاج فلاح سعيد النوايسة وكانت طقوس اللعبة تمارس بشهر رمضان المبارك … رحم الله الأموات منهم والعمر المديد للأحياء منهم .. وهذا حب تركه لنا الأسلاف من أجدادنا الكثير من التراث الشعبي الذي يحق لنا أن نتفاخر به ونحافظ عليه ونطوره ليبقى ذخراً لجيلنا وللأجيال القادمة والله ولي التوفيق .