عين سارة ومغامرة الشلالات
كتب: أ.د. أحمد ملاعبة .. والإعلامي أسعد العزّوني
من الحواف الجنوبية الغربية لمدينة الكرك، تبدأ رحلة واد عتيق ذو حضارة عريقة وجمال فائق، وهذا هو الوادي الذي يطوق حواف مدينة الكرك أو المدينة القلعة التي تنتضب كهضبة بارزة تزينها قلعة جميلة هي قلعة الكرك.
هذا الوادي الذي سمي بوادي الكرك، حيث جمال اللغة فسواء قرأتها من اليمين إلى الشمال وبالعكس تبقى كما هي كرك، تنساب من فيه عيون كثيرة أهمها عين ماء إسمها عين سارة ويعتقد حسب الموروث الشعبي أنها سميت بذلك نسبة للسيدة سارة زوجة سيدنا إبراهيم عليه السلام وأم سيدنا إسماعيل عليه السلام، وتبقى دقة التسمية وصحتها مناطا للنقاش والحوار.
هذه العين الغزيرة تنساب من الأعالي من إرتفاع أكثر من 900 مترا، وتصب في هذا الوادي الجميل،ولقد أنشيء متنزه بإسم هذه العين يعرف بمتنزه عين سارة.
يبدأ الوادي بسيق ضيق يمتد مساره ل 3كم، وعند المتنزه يفرش جنباته على إتساع يربو عن 2 كم، ما بين مدينة الكرك وبلدة راكين، وما أن تدخل من سيق الوادي حتى يجذبك جماله وتبقى تسير وكأنك أسير لهذا الجمال الفتان.
ولقد قامت المزارع في هذا الجزء من الوادي لتخرج الخضروات الشهية والفواكه اللذيذة، ويتوغل الوادي بإتجاه منطقة اللسان في البحر الميت،وكلما تعمقت في أرضية الوادي رأيت مصاطب مرتفعة تنساب منها 5 شلالات ،أميزها الشلال الأخير الذي يبلغ إرتفاعه نحو 60 مترا ومياهه غزيرة ،ولعل هذه الشلالات جعلت المغامرين وعشاق التسلق متيمين في حب هذا الوادي.
إن غزارة المياه جعلت القرار سريعا بإنشاء سد وادي الكرك، وهو سد مائي يخزّن نحو 2 مليون متر مكعب من المياه ،وتم إنشاؤه عام 2017 وإشتهر الوادي بتربية الأسماك الجميلة والنادرة.
وأيضا بتنوع بيئي حيوي ونباتي لأشجار نادرة مثل التين البري وأشجار العشّيرة “العشار”، وغزته قبل عدة عقود أشجار السلم ذات الأشواك، وفيه العديد من النباتات مثل النعناع والبقلة والحميض والطيون والشيح ورجلة مريم وكذلك النبتة الطبية والعطرية المعروفة بالديتورا ، ويتجاوز طول الوادي 16 كم،وتغرد في سمائه طيور كثيرة مثل الزرزور والحمام البري والحجل،وكثير من الطيور المهاجرة مثل الوروار الذي يعرف بآكل النحل.
ولعل شجر اللزاب والكينا والدفلة هي أهم أشجار الوادي، وتنتشر أشجار القصيب فيه بشكل كبير على جنبات مسيله الرئيس،ومن المفاجيء في وجود بقايا طواحين الماء التي ما تزال شامخة ،مما يدل على على أنها جزء من الوادي والمناطق المجاورة التي كان يزرع فيها القمح.
إن الوضع الحالي للوادي لا يتناسب مع جمالياته ،فلقد أصبح فيه مشاكل بيئية كثيرة أبرزها التلوث وموت الأسماك وتراكم النفايات،،ويمتد التنوع الصخري في هذا الوادي لأكثر من نصف مليار عام،منذ العصر الكريتاسي في الأعالي ولغاية دهر ما قبل الحياة.
تزدان جنبات هذا الوادي بأشجار النخيل التي تنمو على مصاطبه أو جدرانه لتعطيه جمالا فوق جماله، وتمتاز الصخور الرملية في الوادي بألوانها وأشكالها التي تصلح قطعا لتزيين جدران المنازل بعد تشذيبها ومعالجتها.
ينضم هذا الوادي إلى سلسلة الأودية العملاقة التي نسعى في هذا الكتاب لإبراز جمالياتها ،ولذلك فإن تسليط الأضواء عليها يستدعي وضع خطة إستراتيجية وأخرى تنفيذية لإعادة تأهيل هذا الوادي الجميل،حتى لا نفقد مقوماته المميزة.
ويعد هذا الوادي متنفسا سياحيا لمحافظة الكرك بالكامل، وأحد أهم الروافد للسياحة الوطنية والعالمية على حد سواء، ولذلك يتوجب علينا الآن وقبل فوات الوان المحافظة على هذه القيمة السياحية المضافة ،بدلا من اهمالها وتدميرها لا بل يجب وضعه على خارطة الأردن كأحد مسارات السياحة المهمة حيث تقصده الوفود السياحية المحلية والعديد من الوفود العالمية.